فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله عليه مقالة الحارث. ونزلت هذه الآية (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
ثمّ قال له : يا ابن عمرو ، إمّا تبت وإما رحلت.
[فقال : يا محمّد ، بل تجعل لسائر قريش شيئا ممّا في يديك. فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم.
فقال له النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ليس ذلك إليّ. ذلك إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ.
فقال : يا محمّد ، قلبي ما يتابعني على التوبة ، ولكن أرحل عنك] (١).
فدعا براحلته ، فركبها. فلمّا صار بظهر المدينة ، أتته جندلة فرضّت (٢) هامته.
[ثمّ أتى الوحي إلى النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : «سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية عليّ ليس له دافع من الله ذي المعارج» (٣).
قال : قلت : جعلت فداك ، إنّا لا نقرؤها هكذا.
فقال : هكذا ـ والله ـ نزل بها جبرئيل على محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وهكذا هو ـ والله ـ مثبت في مصحف فاطمة ـ عليها السّلام ـ] (٤).
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمن حوله من المنافقين : انطلقوا إلى صاحبكم ، فقد أتاه ما استفتح به. قال الله : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (٥).
(وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ) ، أي : دعاؤهم. أو ما يسمّونه صلاة. أو ما يضعون موضعها.
(إِلَّا مُكاءً) : صفيرا. فعال ، من مكا يمكو : إذا صفر.
وقرئ (٦) ، بالقصر ، كالبكا.
(وَتَصْدِيَةً) : تصفيقا. تفعلة ، من الصداء ، أو من الصّدّ. على إبدال أحد حرفي التّضعيف بالياء.
__________________
(١ و ٤) ـ من المصدر.
(٢) المصدر : فرضخت.
(٣) المعارج / ١ ـ ٣.
(٥) إبراهيم / ١٥.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٣.