وفي روضة الكافي (١) ، بإسناده إلى زرارة : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار ، ويكثر الكفّار في أعين المسلمين (٢) الناس.
فشد عليه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بالسّيف ، فهرب منه. وهو يقول : يا جبرائيل ، [إني مؤجّل] (٣). حتى وقع في البحر.
قال : فقلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : لأي شيء كان يخاف ، وهو مؤجّل؟
قال : يقطع بعض أطرافه.
(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) الضّميران مفعولا «يرى».
و «قليلا» حال من الثاني.
قيل (٤) : وانّما قللهم في أعين المسلمين ، تصديقا لرؤيا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وتثبيتا لهم.
وفي الجوامع (٥) : عن ابن مسعود : لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي : أتراهم سبعين؟
قال : أراهم مائة.
فأسرنا رجلا منهم ، فقلنا : كم كنتم؟
قال : ألفا.
(وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) : حتّى قال قائل منهم : إنّ محمّدا وأصحابه أكلة جزور.
وقال أبو جهل : ما هم إلّا أكلة رأس. لو بعثنا إليهم عبيدنا ، لأخذوهم باليد ، كما مرّ ذكره في القصّة.
وإنّما قلّلهم في أعينهم قبل التحام القتال ، ليجترءوا عليهم ولا يستعدّوا لهم. ثمّ كثّرهم حتّى يرونهم مثليهم ، لتفاجئهم الكثرة فتبهتهم وتكسر قلوبهم. وهذا من عظائم آيات تلك الواقعة. فإنّ البصر ، وإن كان يرى الكثير قليلا والقليل كثيرا ، لكن لا على هذا الوجه ولا إلى هذا الحدّ. وإنّما يتصور ذلك بصد الله الأبصار عن إبصار بعض دون
__________________
(١) الكافي ٨ / ٢٧٧ ، ح ٤١٩.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الناس.
(٣) من المصدر.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٦ بتصرّف.
(٥) جوامع الجامع / ١٧٠.