وفي نهج البلاغة (١) : قال ـ عليه السّلام ـ : وبلّغ برسالة ربّه. فلم [الله] (٢) به الصدع ، ورتق به الفتق ، وألف [به الشمل] (٣) بين ذوي الأرحام بعد العداوة الواغرة في الصدور دون الضّغائن القارحة في القلوب.
(لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) : تناهي عداوتهم على حدّ ، لو أنفق منفق في إصلاح ذات بينهم ما في الأرض جميعا من الأموال لم يقدر على الألفة والإصلاح.
(وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) : بقدرته البالغة. فإنّه المالك للقلوب ، يقلّبها كيف يشاء.
(إِنَّهُ عَزِيزٌ) : تامّ القدرة والغلبة ، لا يعصي عليه ما يريده.
(حَكِيمٌ) (٦٣) : يعلم أنّه كيف ينبغي أن يفعل ما يريده.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ) : كافيك.
(وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤) : إمّا في محلّ النّصب على المفعول معه ، كقوله :
إذا كانت الهيجاء واشتجر القنا |
|
فحسبك والضّحاك سيف مهنّد |
أو الجرّ ، عطفا على المكنى ، عند الكوفيّين.
أو الرّفع ، عطفا على اسم الله ، أي : كفاك الله والمؤمنون.
قيل (٤) : والآية نزلت بالبيداء في غزوة بدر.
وقيل : أسلم مع النّبيّ ثلاثة وثلاثون رجلا وستّ نسوة ، ثمّ أسلم عمر ، فنزلت.
فذلك قال ابن عبّاس : نزلت في إسلامه.
وفي شرح الآيات الباهرة (٥) : ذكر أبو نعيم في حلية الأولياء ، بطريقه وإسناده عن أبي هريرة قال : نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ وهو المعنيّ بقوله : «المؤمنين».
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) : بالغ في حثّهم عليه.
__________________
(١) نهج البلاغة / ٣٥٣ ، الخطبة ٢٣١.
(١ و ٣) ـ من المصدر.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٠١.
(٥) تأويل الآيات الباهرة / ٧٢.