الأعراب. وذلك أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ صالحهم على أن يدعهم في ديارهم ولم يهاجروا إلى المدينة ، وعلى أنه إذا أرادهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ غزا بهم ، وليس لهم في الغنيمة شيء. وأوجبوا على النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إن أرادهم الأعراب من غيرهم أو دعاهم دهم من عدوّهم ، أن ينصرهم إلّا على قوم بينهم وبين الرسول عهد وميثاق إلى مدّة.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢) (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) : في الميراث ، أو المؤازرة. وهو بمفهومه يدلّ على منع التّوارث ، أو المؤازرة بينهم وبين المسلمين.
(إِلَّا تَفْعَلُوهُ) : إلّا تفعلوا ما أمرتم به من التّواصل بينكم ، وتولي لبعض حتّى في التّوارث ، وقطع العلائق بينكم وبين الكفّار.
(تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ) : تحصل فتنة فيها عظيمة. وهي ضعف الإيمان ، وظهور الكفر.
(وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (٧٣) : في الدّين.
وقرئ (١) : «كثير».
وفي من لا يحضره الفقيه (٢) : وروى محمّد بن الوليد ، عن الحسين بن بشّار قال : كتبت إلى أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في رجل خطب إليّ.
فكتب : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته ، كائن من كان ، فزوّجوه.
و (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) : لمّا قسّم المؤمنين ثلاثة أقسام ، بيّن أنّ الكاملين في الإيمان منهم هم الّذين حقّقوا إيمانهم بتحصيل مقتضاه من الهجرة والجهاد وبذل المال ونصرة الحقّ.
ووعد لهم موعده الكريم فقال : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٧٤) : لا تبعة له ولا منّة فيه.
ثمّ ألحق بهم في الأمرين من سيلحق بهم ويتّسم بسمتهم ، فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) ، أي : من جملتكم ، أيّها
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٠٣.
(٢) الفقيه ٣ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، ح ١١٨١.