وفيه (١) ، في تفسير العيّاشي (٢) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : الأنفال والبراءة واحدة.
ترك البسملة في أوّلها قراءة وكتابة.
ويمكن الجمع بين الخبرين ، بأنّها سورة واحدة. ولذا لم يكتب (بِسْمِ اللهِ) على رأس براءة ، لكن لمّا كان إفرادها للبعث بمكّة بمنزلة جعلها سورة ورسالة توهّم استحباب تصديرها بها ، كما هو المتعارف في المكتوبات والرّسائل ، دفع ـ عليه السّلام ـ هذا الوهم بقوله : لأنّ (بِسْمِ اللهِ) للأمان والرّحمة ، ونزلت سورة براءة لدفع الأمان والسّيف. ويؤيّد كونها واحدة ، ما روي في أوّل الأنفال من كتاب ثواب الأعمال (٣) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من قرأ سورة الأنفال وسورة البراءة في كلّ شهر ، لم يدخله نفاق ابدا وكان من شيعة أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.
وفي تفسير العيّاشي (٤) ، مثله. إلّا أنّه زاد قوله ـ عليه السّلام ـ : حقّا وأكل (٥) يوم القيامة من موائد الجنة مع شيعة عليّ (٦) حتّى يفرغ النّاس من الحساب.
وما في مجمع البيان (٧) : عن أبي بن كعب ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من قرأ الأنفال وبراءة ، فأنا شفيع له وشاهد يوم القيامة أنّه بريء من النّفاق ، واعطي من الأجر بعدد كلّ منافق ومنافقة في دار الدّنيا عشر حسنات ، ومحي عنه عشر سيّئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان العرش وحملته يصلّون عليه أيّام حياته في الدّنيا.
فإن جعل الثواب المذكور على قراءة المجموع ، يدلّ ظاهرا على أنهما واحد ، خصوصا الحديث الأخير المحذوف فيه لفظ السّورة عن البراءة.
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) ، أي : هذه براءة.
و «من» ابتدائية متعلّقة بمحذوف ، تقديره : واصلة من الله ورسوله.
ويجوز أن يكون «براءة» مبتدأ لتخصّصها بصفتها ، والخبر (إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١).
__________________
والسيف.
(١) كذا. والصحيح : وفي.
(٢) المجمع ٣ / ١ ، وتفسير العيّاشي ٢ / ٧٣.
(٣) ثواب الأعمال / ١٣٢.
(٤) تفسير العيّاشي ٢ / ٧٣.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : يأكل.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : مع شيعته ...
(٧) المجمع ٢ / ٥١٦.