عطف استعيرت للوصل ، لا اكتفاء بالضّمير فإنّه غير فصيح.
وفي التّعبيرين مبالغة في غفلتهم وأمنهم عن العذاب ، ولذلك خصّ الوقتين.
ولأنّهما وقت دعة واستراحة ، فيكون مجيء العذاب فيهما أفظع.
(فَما كانَ دَعْواهُمْ) ، أي : دعاؤهم واستغاثتهم. أو ما كانوا يدّعونه من دينهم.
(إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٥) : إلّا اعترافهم بظلمهم فيما كانوا عليه وبطلانه ، تحسّرا عليه.
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) : عن قبول الرّسالة وإجابتهم الرّسل.
(وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (٦) : عن تأدية ما حمّلوا من الرّسالة. والمراد من هذا السّؤال ، توبيخ الكفرة وتقريعهم.
والمنفيّ في قوله : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) سؤال الاستعلام. أو الأوّل في موقف الحساب ، وهذا عند حصولهم على العقوبة.
في كتاب الاحتياج (١) للطّبرسيّ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث : فيقام الرّسل ، فيسألون عن تأدية الرّسالات (٢) الّتي حملوها إلى أممهم. [فيخبرون أنّهم قد أدّوا ذلك إلى أممهم] (٣). وتسأل الأمم ، فيجحدون (٤) ، كما قال الله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ). (الحديث).
وقد مضى تمامه في سورة النّساء عند تفسير (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) (٥).
(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ) : على الرّسل ، حين يقولون : (لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ). أو على الرّسل والمرسل إليهم ما كانوا عليهم.
(بِعِلْمٍ) : عالمين بظاهرهم وبواطنهم. أو بمعلومنا منهم.
(وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٧) : عنهم ، فيخفى علينا شيء من أحوالهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : قوله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)
__________________
(١) الإحتجاج ١ / ٣٦٠.
(٢) المصدر : الرسالة.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) المصدر : فتجحد.
(٥) النساء / ٤١.
(٦) تفسير القمي ١ / ٢٢٤.