يمانيّة ، وهو على فرس أدهم (١) [وكأنّ عينيه عينا أفعى. فبينا هو يروض فرسه ويلين عن عريكته] (٢) إذ هتف به هاتف من أهل الشّام ، يقال له : عرار بن أدهم : يا عبّاس ، هلمّ إلى البراز. [قال : فالنزول إذا] (٣).
قال : ثمّ تكافحا بسيفيهما مليّا من نهارهم لا يصل واحد منهما إلى صاحبه ، لكمال لأمته. إلى أن لحظ (٤) العبّاس وهياً (٥) في درع الشّاميّ ، فأهوى إليه [بيده ، فهتكه إلى ثندوته. ثمّ عاود لمجاولته وقد أصحر له ، ففتق الدرع. فضربه العبّاس] (٦) بالسّيف ، فانتظم به جوانح صدره (٧) وخرّ الشّاميّ صريعا. وكبّر النّاس تكبيرة ارتجّت [لها الأرض] (٨) فسمعت قائلا يقول : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (الآية) فالتفتّ ، فإذا هو أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
(وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) : ابتداء إخبار ، بأنّ بعضهم يتوب عن كفره.
وقد كان ذلك ـ أيضا ـ.
وقرئ : «ويتوب» بالنّصب على إضمار «أن» ، على أنّه من جملة ما أجيب به الأمر. فإنّ القتال ، كما تسبّب لتعذيب قوم ، تسبّب لتوبة آخرين.
(وَاللهُ عَلِيمٌ) : بما كان وبما سيكون.
(حَكِيمٌ) (١٥) : لا يفعل ولا يحكم إلّا على وفق الحكمة.
(أَمْ حَسِبْتُمْ) قيل (٩) : خطاب للمؤمنين حين كره بعضهم القتال.
وقيل : للمنافقين. و «أم» منقطعة. ومعنى الهمزة فيها : التّوبيخ على الحسبان.
(أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) : ولم يتبيّن الخلّص منكم ، وهم الّذين جاهدوا من غيرهم. نفى العلم وأراد نفي المعلوم ، للمبالغة. فإنّه ، كالبرهان عليه ، من حيث أن تعلّق العلم به مستلزم لوقوعه.
(وَلَمْ يَتَّخِذُوا) : عطف «على جاهدوا» داخل في الصّلة.
(مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) : بطانة يوالونهم ، ويفشون
__________________
(١) الأدهم : الأسود.
(٢ و ٣ و ٦ و ٨) ـ من المصدر.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : خطّ.
(٥) الوهي : الشقّ في الشيء.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : الشاميّ.
(٩) أنوار التنزيل ١ / ٤٠٨.