(أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) : شيئا من مساجده ، فضلا عن المسجد الحرام.
وقيل (١) : هو المراد. وإنّما جمع ، لأنّه قبلة المساجد وإمامها. فعامره ، كعامر الجميع. ويدلّ عليه قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب ، بالتّوحيد.
(شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) : بإظهار الشّرك وتكذيب الرّسول. وهو حال من الواو. والمعنى : ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين ، عمارة بيت الله وعبادة غيره.
وفي الجوامع (٢) : روي أنّ المسلمين عيّروا أسارى بدر ، ووبّخ عليّ العبّاس بقتال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقطيعة الرّحم.
فقال العبّاس : تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا.
فقالوا : او لكم محاسن؟
قال (٣) : نعم. إنّما نعمر المسجد الحرام ، ونحجب الكعبة ، ونسقي الحجيج ، ونفك العاني (٤). فنزلت.
(أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) : الّتي يفتخرون بها بما قارنها من الشّرك.
(وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) (١٧) : لأجله.
(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ)
وفي الحديث النّبويّ (٥) : يأتي في آخر الزّمان أناس من أمّتي يأتون المساجد ، يقعدون (٦) فيها حلقا ، ذكرهم الدّنيا وحبّ الدّنيا. لا تجالسوهم ، فليس لله بهم حاجة.
أي : إنّما يستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلميّة والعمليّة. ومن عمارتها تزيينها بالفرش ، وتنويرها بالسّراج ، وإدامة العبادة فيها ، والذكر ودرس العلم فيها ، وصيانتها ممّا لم تبن له ، كحديث الدّنيا.
عن النّبيّ (٧) ـ صلّى الله عليه وآله ـ : قال الله ـ تعالى ـ : إنّ بيوتي في أرضي
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٠٨.
(٢) جوامع الجامع / ١٧٥.
(٣) المصدر : قالوا.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : المعالي.
(٥) تفسير الصّافي ٢ / ٣٢٧.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : يعدون.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٤٠٩.