الأنبياء ، ورفع وعليه مدرعة من صوف.
حدّثنا (١) أحمد بن محمّد عن جعفر بن عبد الله المحمّديّ قال : حدّثنا كثير بن عيّاش (٢) ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أمّا (خَلَقْناكُمْ) ، فنطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ عظما ثمّ لحما. وأمّا (صَوَّرْناكُمْ) ، فالعين والأنف والأذنين والفم واليدين والرّجلين. صوّر هذا ونحوه ، ثمّ جعل الدّميم (٣) والوسيم (٤) والجسيم (٥) والطّويل والقصير وأشباه هذا.
(ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (١١) : ممّن سجد لآدم.
(قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) ، أي : أن تسجد.
و «لا» صلة مثلها في لئلّا يعلم ، مؤكّدة معنى الفعل الّذي دخلت عليه ، ومنبّهة على أنّ الموبّخ عليه ترك السّجود.
وقيل (٦) : الممنوع من الشّيء مضطرّ إلى خلافه ، فكأنّه قيل : ما اضطرّك إلى أن لا تسجد.
(إِذْ أَمَرْتُكَ) : دليل على أنّ مطلق الأمر للوجوب والفور.
(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) : جواب من حيث المعنى استأنف به ، استبعادا لأن يكون مثله مأمور بالسّجدة ، كأنّه قال : المانع أنّي خير منه ، ولا يحسن للفاضل أن يسجد للمفضول فكيف يحسن أن يؤمر به. فهو الّذي سن القياس أوّلا ، وتبعه فيه غيره.
(خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (١٢) : تعليل لفضله (٧) تفضّله عليه. وقد غلط في ذلك بأن رأى الفضل كلّه باعتبار العنصر ، وغفل مّا يكون باعتبار الفاعل ، كما أشار إليه بقوله ـ تعالى ـ : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) بغير واسطة. وباعتبار الصّورة ، كما نبّه بقوله ـ تعالى ـ : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ). وباعتبار
__________________
(١) نفس المصدر ، والموضع.
(٢) كذا في المصدر ، وجامع الرواة ٢ / ٢٧. وفي النسخ : كثير بن عبّاس.
(٣) الدميم : القبيح المنظر ، والوسيم خلافه.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : الدسيم.
(٥) ليس في المصدر : والجسيم.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٣.
(٧) كذا في ب ، أ ، ر. وفي سائر النسخ : «تفضّله» بدل «لفضله».