وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : أمّا المسيح ، فعصوه ، وعظّموه في أنفسهم حتّى زعموا أنّه إله وأنّه ابن الله. وطائفة منهم قالوا : ثالث ثلاثة. وطائفة منهم قالوا : هو الله.
وأما أحبارهم ورهبانهم ، فإنّهم أطاعوهم وأخذوا بقولهم ، واتبعوا ما أمروهم به ، ودانوا (٢) بما دعوهم إليه ، فاتّخذوهم أربابا بطاعتهم لهم ، وتركهم أمر الله وكتبه ورسله ، فنبذوه (٣) وراء ظهورهم. وما أمرهم به الأحبار والرّهبان اتبعوه وأطاعوهم ، وعصوا الله ورسوله. وإنما ذكر هذا في كتابنا ، لكي نتّعظ بهم. فعيّر الله ـ تبارك وتعالى ـ بني إسرائيل بما صنعوا. بقوله (٤) : (وَما أُمِرُوا) ، أي : وما أمر المتّخذون ، أربابا. فيكون ، كالدّليل على بطلان الاتخاذ.
(إِلَّا لِيَعْبُدُوا) : ليطيعوا.
(إِلهاً واحِداً) : وهو الله ـ تعالى ـ. وأمّا طاعة الرّسل وسائر من أمر الله بطاعته ، فهي في الحقيقة طاعة الله.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : صفة ثانية. أو استئناف مقرر للتّوحيد.
(سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١) : تنزيله له عن أن يكون له شريك.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا) : يخمدوا.
(نُورَ اللهِ) : حجته الدّالّة على وحدانيته وتقدسه عن الولد. أو القرآن. أو نبوة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
(بِأَفْواهِهِمْ) : بشركهم ، أو تكذيبهم.
(وَيَأْبَى اللهُ) : لا يرضى.
(إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) : بإعلاء التّوحيد وإعزاز الإسلام.
وقيل (٥) : إنّه تمثيل لحالهم في طلبهم إبطال نبوّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالتكذيب ، بحال من يطلب إطفاء نور عظيم منبثّ في الآفاق يريد الله أن يزيده بنفخه.
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩.
(٢) المصدر : دانوا بهم.
(٣) أوب : فنبذوهم.
(٤) جعل المصنف نصّ الآية ضمن تفسيره.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٤١٣.