قال : كذّبهم (١) الله في قولهم : (لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ). وقد كانوا مستطيعين للخروج.
(عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) : بيان لما كنّى عنه بالعفو ، ومعاتبة عليه.
والمعنى : لأي شيء أذنت لهم في القعود حين استأذنوك واعتلّوا بأكاذيب ، وهلّا توقّف؟
(حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) : في الاعتذار.
(وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) (٤٣) : فيه.
قيل (٢) : انّما فعل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ شيئين لم يؤمر بهما : أخذه الفداء (٣) ، وإذنه للمنافقين. فعاتبه الله عليهما.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : لتعرف (٥) أهل العذر (٦) ، والّذين جلسوا بغير عذر.
وفي الجوامع (٧) : وهذا من لطيف المعاتبة ، بدائه بالعفو قبل العتاب. ويجوز العتاب من الله فيما غيره أولى ، لا سيما للأنبياء. وليس ، كما قاله جار الله ، من أنّه كناية عن الجناية. وحاشا سيد الأنبياء وخير بني حوّاء من أن ينسب إليه جناية.
وفي عيون الأخبار (٨) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ بإسناده إلى عليّ بن محمّد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا ـ عليه السّلام ـ.
فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك : إن الأنبياء معصومون؟
قال : بلى.
قال : فما معنى قول الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى أن قال : فأخبرني عن قوله ـ تعالى ـ : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ).
قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : هذا مما نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة. خاطب الله بذلك نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأراد به أمّته. وكذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ :
__________________
(١) المصدر : أكذبهم.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤١٧.
(٣) المصدر : للفداء.
(٤) تفسير القمي ١ / ٢٩٤.
(٥) المصدر : تعرف.
(٦) المصدر : أهل الغدر.
(٧) جوامع الجامع / ١٧٩.
(٨) العيون ١ / ١٩٥ و ٢٠٢.