قال : يعني : بالعدّة النيّة. يقول : لو كان لهم نيّة ، لخرجوا.
وفي كتاب الخصال (١) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : إذا أردتم الحجّ ، فتقدّموا في شراء (٢) الحوائج ببعض يقوتكم (٣) على السّفر. فان الله يقول : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً).
(وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ) : استدراك عن مفهوم قوله : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ) ، كأنّه قال : ما خرجوا ، ولكن ثبّطوا. لأنّه ـ تعالى ـ كره انبعاثهم ، أي : نهوضهم للخروج.
(فَثَبَّطَهُمْ) : فحبسهم بالجبن والكسل.
(وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ) (٤٦) : تمثيل الإلقاء الله ـ تعالى ـ كراهة الخروج في قلوبهم. أو وسوسة الشّيطان بالأمر بالعقود. أو حكاية قول بعضهم لبعض. أو إذن الرّسول لهم.
و «القاعدين» يحتمل المعذورين وغيرهم. وعلى الوجهين لا يخلو عن ذمّ.
(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ) : بخروجهم شيئا.
(إِلَّا خَبالاً) : فسادا وشرّا. ولا يستلزم ذلك أن يكون لهم خبال ، حتّى لو خرجوا زادوه. لأنّ الزّيادة باعتبار أعمّ العامّ الذي وقع منه الاستثناء. ولأجل هذا التّوهم جعل الاستثناء منقطعا ، وليس كذلك لأنّه لا يكوم مفرغا.
(وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) : ولأسرعوا ركائبهم بينكم بالنّميمة والتضريب ، أو الهزيمة والتّخذيل. من وضع البعير وضعا : إذا أسرع.
(يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) : يريدون أن يفتنوكم بإيقاع الخلاف بينكم ، أو الرّعب في قلوبكم.
والجملة ، حال ، من الضّمير في «أوضعوا».
(وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) : ضعفة يسمعون قولهم ويطيعونهم. أو نمّامون يسمعون حديثكم ، للنّقل إليهم.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٤٧) : فيعلم ضمائرهم وما يتأتى منهم.
(لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ) : تشتيت أمرك ، وتفريق أصحابك.
__________________
(١) الخصال / ٦١٧.
(٢) المصدر : شرى.
(٣) المصدر : ما يقويكم.