(مِنْ قَبْلُ) ، يعني : يوم أحد. فإنّ ابن أبي وأصحابه ، كما تخلّفوا عن تبوك بعد ما خرجوا مع الرّسول إلى ذي جدة أسفل من ثنية الوداع ، انصرفوا يوم أحد.
(وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ) : ودبّروا لك المكائد والحيل ، وزوّروا الآراء في إبطال أمرك.
(حَتَّى جاءَ الْحَقُ) : النصر والتأييد الإلهيّ.
(وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ) : وعلا دينه.
(وَهُمْ كارِهُونَ) (٤٨) ، أي : على رغم منهم.
والآيتان لتسلية الرّسول والمؤمنين على تخلّفهم ، وبيان ما ثبّطهم الله لأجله وكره انبعاثهم له ، وهتك أستارهم وكشف أسرارهم وإزاحة اعتذارهم ، تداركا لما فوت الرّسول ـ عليه السّلام ـ بالمبادرة إلى الإذن.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) : في القعود.
(وَلا تَفْتِنِّي) : ولا توقعني في الفتنة ، أي : العصيان والمخالفة ، بأن لا تأذن لي.
وفيه إشعار بأنه لا محالة متخلّف أذنه أو لم يأذن.
أو في الفتنة بسبب ضياع المال والعيال ، إذ لا كافل لهم بعدي.
أو في الفتنة بنساء الرّوم ، لمّا يأتي في تفسير عليّ بن إبراهيم.
(أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) ، أي : انّ الفتنة هي الّتي سقطوا فيها. وهي فتنة التخلّف وظهور النفاق ، لا ما احترزوا عنه.
(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٤٩) : جامعة لهم يوم القيامة. أو الآن ، لاحاطة أسبابها بهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : لقي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الحر (٢) بني قيس.
فقال له : يا أبا وهب ، ألا تنفر معنا في هذه الغزوة (٣) ، لعلّك أن تحتفد (٤) من بنات الأصفر (٥)؟
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.
(٢) المصدر : الجدّ.
(٣) المصدر : الغزاة.
(٤) المصدر : تستحفد.
حفد فلانا : خدمه ، واحتفد بمعنى : حفد.
(٥) أ ، ب : الأصغر. بنو الأصفر : الروم وقيل :