السّماء الدّنيا وأخذ من كلّ سماء تربة ، وقبض قبضة أخرى من الأرض السّابعة العليا إلى الأرض السّابعة القصوى.
فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ كلمته (١) ، فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله. ففلق الطّين فلقتين ، فذرا من الأرض ذروا (٢) ومن السّموات ذروا. فقال للّذي بيمينه : منك الرّسل والأنبياء والأوصياء والصّدّيقون والمؤمنون والسّعداء ومن أريد كرامته ، فوجب لهم ما قال كما قال. وقال للّذي بشماله : منك الجبّارون والمشركون والكافرون والطّواغيت ومن أريد هوانه وشقوته ، فوجب لهم ما قال كما قال. ثمّ أنّ الطّينتين خلطتا جميعا.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) ، عنه ـ عليه السّلام ـ : كذب إبليس [لعنه الله يا إسحاق] (٤) ما خلقه الله [إلّا] (٥) من طين. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً) (٦) قد خلقه الله من تلك النّار ، و [النار] (٧) من تلك الشّجرة ، والشّجرة أصلها من طين.
(قالَ فَاهْبِطْ مِنْها) : من السّماء ، أو الجنّة ، أو من المنزلة الّتي أنت عليها.
(فَما يَكُونُ لَكَ) : فما يصحّ.
(أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) : وتعصي ، فإنّها مكان الخاشع المطيع. وفيه تنبيه على أنّ التّكبّر لا يليق بأهل الجنّة ، وأنّه ـ تعالى ـ إنّما طرده وأهبطه لتكبّره لا لمجرّد عصيانه.
(فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) (١٣) : ممن أهانه الله ـ تعالى ـ لتكبّره.
قال (٨) النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من تواضع لله ، رفعه الله ، ومن تكبّر ، وضعه الله.
(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤) : أمهلني إلى يوم القيامة. فلا تمتني ، ولا تعجّل عقوبتي.
(قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (١٥) : يقتضي الإجابة إلى ما سأله ظاهرا ، لكنّه
__________________
(١) أ ، ر : كلمة.
(٢) الذرو : الاذهاب والتفريق.
(٣) تفسير القمّي ٢ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(١ و ٥) ـ من المصدر.
(٦) يس / ٨٠.
(٧) من المصدر.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٣.