تسمعه ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (١). وإنّما يجازي من نسيه ونسى لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٢). وقال ـ عزّ وجلّ ـ : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) (٣) ، أي : نتركهم ، كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا.
وفي كتاب التّوحيد (٤) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : يعني : نسوا الله في دار الدّنيا فلم يعملوا بطاعته ، فنسيهم في الآخرة ، أي : لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا ، فصاروا منسيين من الخير.
وقد يقول العرب في باب النّسيان : قد نسينا فلان فلا يذكرنا ، أي : أنّه لم يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به.
وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ «نسوا الله». قال : تركوا طاعة الله. «فنسيهم» قال : فتركهم.
عن أبي معمّر العمريّ (٦) قال (٧) : قال عليّ ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) : فإنّما يعني : أنّهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا له بالطّاعة ولم يؤمنوا به وبرسوله ، فنسيهم في الآخرة ، أي : لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا ، فصاروا منسيّين من الخير.
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٦٧) : الكاملون في التمرد والفسوق ، والخروج من دائرة الخير.
(وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) : مقدرين الخلود.
(هِيَ حَسْبُهُمْ) : عقابا وجزاء. وفيه دليل على عظم عذابها.
(وَلَعَنَهُمُ اللهُ) : أبعدهم من رحمته وأهانهم.
(وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٦٨) : لا ينقطع.
والمراد به : ما وعدوه ، أو ما يقاسونه من تعب النّفاق.
__________________
(١) مريم / ٦٤.
(٢) الحشر / ١٩.
(٣) الأعراف / ٥١.
(٤) التوحيد / ٢٥٩.
(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٩٥ ـ ٩٦ ، ح ٨٥.
(٦) أ ، ب : أبي معمّر السعديّ.
(٧) تفسير العياشي ٢ / ٩٦ ، ح ٨٦.