وفي رواية العيّاشيّ (١) : إنّما صمد (٢).
(ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) ، أي : من جميع الجهات ، مثل قصده إيّاهم بالتّسويل والإضلال من أيّ وجه يمكنه بإتيان العدوّ من الجهات الأربع. ولذلك لم يقل : من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
وقيل (٣) : لم يقل : من فوقهم ، لأنّ الرّحمة تنزل (٤) منه. ولم يقل : من تحتهم ، لأن الإتيان (٥) منه يوحش [الناس] (٦).
وعن ابن عبّاس (٧) (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) من قبل الآخرة. (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) من قبل الدّنيا. (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) من جميع جهة حسناتهم وسيّئاتهم.
وقيل (٨) : يحتمل أن يقال : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) من حيث يعلمون ويقدرون على التّحرّز عنه. (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) من حيث لا يعلمون ولا يقدرون. (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) من حيث يتيسّر (٩) لهم أن يعلموا ويتحرّزوا ، ولكن لم يفعلوا لعدم تيقّظهم واحتياطهم.
وإنّما عديّ الفعل إلى الأوّلين بحرف الابتداء ، لأنّه منهما متوجّه إليهم. وإلى الأخيرين بحرف المجاوزة ، فإنّ الآتي منهما كالمنحرف عنهم المارّ على عرضهم. ونظيره قولهم : جلست عن يمينه.
وفي مجمع البيان (١٠) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ).
معناه : أهوّن عليهم أمر الآخرة. (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) آمرهم بجمع الأموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم. (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ) أفسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضّلالة وتحسين الشّبهة. (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) بتحبيب اللّذّات إليهم ، وتغليب (١١) الشّهوات على قلوبهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١٢) ، ما يقرب منه ببيان أبسط.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ٩ ، ح ٧.
(٢) بعض نسخ المصدر : عمد.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٣.
(٤) المصدر : تنزيل.
(٥) ب : الإيمان.
(٦) من المصدر.
(٧) نفس المصدر ، والموضع.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤.
(٩) ب : يتسنّى. (١٠) مجمع البيان ٢ / ٤٠٤.
(١١) أ : تغلب. (١٢) تفسير القمّي ١ / ٢٢٤.