فأعرض عنه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فأعاد عليه.
فقال له : ويلك ، إنّي خيّرت فاخترت. إنّ الله يقول : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).
فلما مات عبد الله ، جاء ابنه إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : بأبي أنت وأمي ، يا رسول الله ، إن رأيت أن تحضر جنازته.
فحضر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقام على قبره.
فقال عمر : يا رسول الله ، ألم ينهك الله أن تصلي على أحد منهم [مات] (١) أبدا وأن تقيم (٢) على قبره؟
فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ويلك ، وهل تدري ما قلت؟ إنّما قلت : اللهم ، احش قبره نارا وجوفه [نارا] (٣). وأصله النّار.
فبدا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما لم يكن يحبّ.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) : إشارة إلى أن اليأس من المغفرة وعدم قبول استغفارك ليس لبخل منّا ولا قصور فيك ، بل لعدم قابليّتهم بسبب الكفر الصّارف عنها.
(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) : (٨٠) : المتمردين في كفرهم.
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ) : بقعودهم عن الغزو خلفه.
يقال : أقام خلاف الحيّ ، أي بعدهم.
ويجوز أن يكون بمعنى المخالفة ، فيكون انتصابه على العلة أو الحال.
(وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) : إيثارا للدّعة ، والخفض على طاعة الله. وفيه تعريض بالمؤمنين الّذين آثروا عليها تحصيل رضاه ، ببذل الأموال والمهج.
(وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) : قاله بعضهم لبعض. أو قالوا للمؤمنين ، تثبيطا.
(قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا) : وقد آثرتموها بهذه المخالفة.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : تقوم.
(٣) من المصدر.