ـ عزّ وجلّ ـ : (فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) (١). فكان يكره أن يفتضح رجل من أصحابه ممّن يظهر الإيمان. وكان يدعو على المنافقين ويوري (٢) أنه يدعوا لهم. وهذا معنى قوله لعمر : ما رأيتنا صلّينا له على جنازة ولا قمنا له على قبر. وكذا معنى قوله في حديث عليّ بن إبراهيم : خيّرت فاخترت. فورّى ـ عليه السّلام ـ باختيار الاستغفار.
وأمّا قوله فيه : «فاستغفر له» فلعلّه استغفر لابنه لمّا سأل لأبيه الاستغفار ، وكان يعلم أنّه من أصحاب الجحيم. ويدلّ على ما قلناه قوله ـ عليه السّلام ـ : فبدا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما لم يكن يحبّ.
هذا ان صحّ حديث عليّ بن إبراهيم ، فإنّه لم يستند إلى المعصوم. والاعتماد على حديث العيّاشيّ هنا أكثر منه على حديث عليّ بن إبراهيم ، لاستناده إلى قول المعصوم دونه. لأنّ سياق كلام عليّ بن إبراهيم تارة يدل على أنّه كان سبب نزول الآية قصّة ابن أبي ، وأخرى يدلّ على أنّ نزولها قبل ذلك.
وفي الكافي (٣) : عن الصادق ـ عليه السّلام ـ : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يكبّر على قوم خمسا ، وعلى قوم آخرين أربعا. فإذ كبّر على رجل أربعا ، اتّهم ، يعنى : بالنّفاق.
وفيه (٤) ، وفي تفسير العيّاشي (٥) : عنه ـ عليه السّلام ـ : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إذا صلّى على ميّت كبّر وتشهد ، ثم كبّر وصلّى على الأنبياء [ودعا] (٦) ، ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين ، ثمّ كبّر الرابعة ودعا للميت ، ثمّ كبّر وانصرف. فلمّا نهاه الله ـ عزّ وجلّ ـ عن الصلاة على المنافقين كبّر وتشهد ، ثمّ كبر وصلّى على النبيين ، ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين ، ثمّ كبّر الرّابعة وانصرف. ولم يدع للميت.
(وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا) :
__________________
(١) الأحزاب / ٣٥.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : «المنافق ويدري» بدل «المنافقين ويوري» وورّيت الخبر تورية : إذا سترته وأظهرت غيره ، حيث يكون للّفظ معنيان أحدهما أشيع من الآخر فتنطق به وتريد الخفيّ.
(٣) الكافي ٣ / ١٨١ ، ح ٢.
(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ٣.
(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ١٠٢ ، ذيل ح ٩٦ ببعض الاختلاف.
(٦) من الكافي.