بالوحي إلى نبيّه بعض أخباركم ، وهو ما في ضمائركم من الشّرّ والفساد.
(وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ).
قيل (١) : أي : تتوبون عن الكفر (٢) أم تثبتون عليه. فكأنّه استتابه وإمهال للتّوبة.
(ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ، أي : إليه. فوضع الوصف موضع الضّمير ، للدّلالة على أنه مطلع على سرّهم وعلنهم ، ولا يفوت عن علمه شيء من ضمائرهم وأعمالهم.
(فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٩٤) : بالتّوبيخ والعقاب عليه.
(سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) : فلا تعاتبوهم.
(فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) : فلا توبّخوهم.
(إِنَّهُمْ رِجْسٌ) : لا ينفع فيهم التّأنيب. فإنّ المقصود منه : التّطهير ، بالحمل على الإنابة ، وهؤلاء أرجاس لا تقبل التّطهير. فهو علّة الإعراض ، وترك المعاتبة.
(وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) : من تمام التّعليل ، كأنّه قال : إنّهم أرجاس من أهل النّار ، لا ينفع فيهم التّوبيخ في الدّنيا والآخرة. أو تعليل ثان ، والمعنى : أنّ النّار كفتهم عتابا ، فلا تتكلّفوا عتابهم.
(جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٩٥) : يجوز أن يكون مصدرا ، وأن يكون علّة.
(يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ) : بحلفهم ، فتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم.
(فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (٩٦) ، أي : فإنّ رضاكم لا يستلزم رضا الله ، ورضاكم وحدكم لا ينفعهم إذا كانوا في سخط الله وبصدد عقابه ، وإن أمكنهم أن يلبسوا عليكم لا يمكنهم أن يلبسوا على الله ، فلا يهتك سترهم ولا ينزل الهوان بهم.
والمقصود من الآية : النهي عن الرّضا عنهم والاغترار بمعاذيرهم ، بعد الأمر بالإعراض وعدم الالتفات نحوهم.
وفي مجمع البيان (٣) : عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ [أنه قال] (٤) من التمس رضا
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٢٨.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : أتبنون على الكفر.
(٣) المجمع ٣ / ٦١.
(٤) من المصدر.