يريانها من أنفسهما ، ولا أحدهما من الآخر. وإنّما لم تقلب الواو المضمومة همزة في المشهور ، كما قلبت الواو في «أو يصل» تصغير «واصل» لأنّ الثّانية مدّة.
وقرئ (١) : «سوآتهما» بحذف الهمزة ، وإلقاء حركتها على الواو ، وبقلبها واوا ، وإدغام الواو السّاكنة فيها.
(وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا) : إلّا كراهة أن تكونا.
(مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) (٢٠) : الّذين لا يموتون ، أو يخلدون في الجنّة.
واستدلّ به على فضل الملائكة على الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ.
وجوابه : أنّه كان من المعلوم أنّ الحقائق لا تنقلب ، وإنّما كانت رغبتهما في أن يحصل لهما ـ أيضا ـ ما للملائكة من الكمالات الفطريّة والاستغناء عن الأطعمة والأشربة. وذلك لا يدلّ على فضلهم مطلقا.
(وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (٢١) ، أي : أقسم لهما على ذلك.
وأخرجه على زنة المفاعلة ، للمبالغة.
وقيل (٢) : أقسما له بالقبول.
وقيل (٣) : أقسما عليه بالله أنّه لمن النّاصحين ، فأقسم لهما. فجعل ذلك مقاسمة.
(فَدَلَّاهُما) : فنزّلهما إلى الأكل من الشّجرة. نبه به على أنّه أهبطهما بذلك من درجة عالية إلى رتبة سافلة. فإنّ التّدلية والإدلاء : إرسال الشّيء من أعلى إلى أسفل.
(بِغُرُورٍ) : بما غرّهما به من القسم ، فإنّهما ظنّا أنّ أحدا لا يحلف بالله كاذبا. أو ملتبسين بغرور.
وفي عيون الأخبار (٤) ، في ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ عند المأمون في قصّة الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ : حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشيّ قال : حدّثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النّيشابوريّ ، عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرّضا ـ عليه السّلام ـ.
قال : فقال له المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون؟
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٤.
(١ و ٣) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٤٤.
(٤) العيون ١ / ١٩٥ ـ ١٩٦ ، صدر ح ١.