باللّيل والنّهار ، ويدعون الله أن يغفر لهم.
فلمّا طال عليهم الأمر ، قال لهم كعب : يا قوم ، قد سخط الله علينا ، ورسوله قد سخط علينا ، وإخواننا سخطوا علينا ، [وأهلونا سخطوا علينا] (١) ، فلا يكلّمنا أحد. فلم لا يسخط بعضنا على بعض؟
فتفرّقوا في اللّيل ، وحلفوا أن لا يكلّم أحد منهم صاحبه حتّى يموت أو يتوب الله عليهم. فبقوا على هذه ثلاثة أيّام ، كلّ واحد منهم في ناحية من الجبل لا يرى أحد منهم صاحبه ولا يكلّمه. فلمّا كان في الليلة الثّالثة ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في بيت أمّ سلمة ، نزلت توبتهم على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
قال : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) حيث لم يكلّمهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ولا إخوانهم ولا أهلوهم. فضاقت المدينة عليهم حتّى خرجوا منها ، وضاقت عليهم أنفسهم حيث حلفوا أن لا يكلّم بعضهم بعضا ، فتفرّقوا وتاب الله عليهم لمّا عرف صدق نيّاتهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) : فيما لا يرضاه.
(وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١١٩) : في إيمانهم وعهودهم. أو في دين الله ، نيّة وقولا وعملا.
وقرئ (٢) : «من الصّادقين» ، أي : في توبتهم وإنابتهم ، فيكون المراد : هؤلاء الثّلاثة وأضرابهم.
وفي مجمع البيان (٣) : في مصحف عبد الله وقراءة ابن عبّاس : «من الصّادقين».
وروي ذلك ـ أيضا ـ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
وفي أصول الكافي (٤) : الحسين بن محمّد ، عن معليّ بن محمّد ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن ابن أذينة ، عن بريد بن معاوية العجليّ قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
قال : إيّانا عنى.
محمّد بن يحيى (٥) ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي بصير ، عن أبي الحسن الرّضا
__________________
(١) ليس في المصدر.
(٢) المجمع ٣ / ٨٠.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) الكافي ١ / ٢٠٨ ، ح ١.
(٥) الكافي ١ / ٢٠٨ ، ح ٢.