سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت (١) ، يعني : كانت من داخل.
واختلف في أنّ الشّجرة كانت السّنبلة أو الكرم أو غيرهما ، وقد مرّ في سورة البقرة توجيهه ، وأنّ اللّباس كان نورا أو حلّة أو ظفرا.
(وَطَفِقا يَخْصِفانِ) : أخذا يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة.
(عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) : يغطّيان سوءاتهما به.
قيل (٢) : كان ورق التّين.
وقرئ (٣) : «يخصفان» من أخصف ، أي : يخصفان أنفسهما. و «يخصفان» من خصّف. و «يخصفان» أصله : يختصفان.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ رفعه قال : سئل الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن جنّة آدم : أمن جنان الدّنيا كانت أم من جنان الآخرة؟
فقال : كانت من جنان الدّنيا تطلع فيها الشّمس والقمر. ولو كانت من جنان الآخرة ، ما اخرج (٥) منها أبدا لمّا أسكنه الله الجنّة وأباحها له إلّا الشّجرة لأنّه خلق خلقه لا يبقى إلّا بالأمر والنّهي والغذاء واللّباس والأكنان (٦) والتّناكح. ولا يدرك ما ينفعه ممّا يضرّه إلّا بالتّوقيف. فجاءه إبليس فقال له إن أكلتما من هذه الشّجرة الّتي نهاكما الله عنها ، صرتما ملكين وبقيتما (٧) في الجنّة أبدا. وإن لم تأكلا منها ، أخرجكما من الجنّة. وحلف لهما ، أنّه لهما ناصح. فقبل آدم قوله ، فأكلا من الشّجرة. وكان ، كما حكى الله (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما). وسقط عنهما ما ألبسهما الله من لباس الجنّة ، وأقبلا يستتران من ورق الجنّة.
(وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٢٢) : عتاب على مخالفة النّهي ، وتوبيخ على الاغترار بقول العدوّ.
(قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) : أضررناها بالمخالفة ، والتّعريض للإخراج عن الجنّة.
(وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢٣) : إنّما قالا ذلك ،
__________________
(١) ليس في تفسير القمّي.
(١ و ٣) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٤٥.
(٤) تفسير القمّي ١ / ٤٣ باختلاف في بعض الألفاظ.
(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : خرج.
(٦) الأكنان ـ جمع الكنّ ـ : البيت.
(٧) كذا في المصدر ، وفي النسخ : تقيما.