ورؤيتهم إيّانا من حيث لا نراهم في الجملة ، لا تقتضي امتناع رؤيتهم وتمثّلهم لنا.
وفي الحديث (١) : إنّ الشّيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدّم منه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : عن العالم ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه ذكر طلب إبليس من الله وإجابته. ومن جملة الطّلب قال : قال : وأراهم ولا يروني ، وأتصوّر لهم في كلّ صورة شئت.
فقال : قد أعطيتك.
(إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٧) : بما أوجدنا بينهم من التّناسب. أو بإرسالهم عليهم ، وتمكينهم من خذلانهم ، وحملهم على ما سوّلوا لهم.
والآية مقصود القصّة ، وفذلكة الحكاية.
(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) : فعلة متناهية في القبح ، كعبادة الأصنام ، والائتمام بإمامة الجور ، وكشف العورة في الطّواف.
(قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها) : اعتذروا واحتجّوا بأمرين : تقليد الآباء ، والافتراء على الله. فأعرض عن الأوّل ، لظهور فساده. وردّ الثّاني بقوله : (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) : لأنّ عادته جرت على الأمر بمحاسن الأفعال ، والحثّ على مكارم الخصال.
قيل (٣) : ولا دلالة فيه على أنّ قبح الفعل ، بمعنى ترتّب الذّمّ عليه [عاجلا والعقاب] (٤) آجلا ، عقليّ. فإنّ المراد بالفاحشة ، ما ينفر عنه الطّبع السّليم ويستنقصه (٥) العقل المستقيم.
وفيه : أنّه يدلّ على أنّ قبح الفعل ، بمعنى أنّ فيه شيئا يقتضي النّهي عنه وترتّب الذّمّ آجلا ، عقليّ. وهو المدعى.
وقيل (٦) : هما جوابا سؤالين مترتّبين ، كأنّه قيل لهم لمّا فعلوها : لم فعلتم؟ فقالوا : (وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا). فقيل : ومن أين أخذ آباؤكم؟ فقالوا : (اللهُ أَمَرَنا بِها). وعلى
__________________
(١) تفسير الصافي ٢ / ١٨٧.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٤٢.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٤٦.
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : وسيتبغضه.
(٦) نفس المصدر ، والموضع.