فكما لا يجوز وقوع «قائم» بعد «إذا» كذلك لم يحسن وقوع المضارع له موقعه.
و «حيث» إن اكتفي بعدها بجملة الإشارة والخبر ولم يكن لها جواب ، كان بمنزلة «إذ» فكان وقوع المضارع فيها أحسن من غير المضارع.
فإن جعلت فيها معنى الشرط ، وجعلت لها جوابا ، كانت بالماضي أولى من المستقبل فاعلمه.
وهذه مسائل تشاكل قوله : أزيدا لم يضربه إلا هو.
قال : «وتقول : أخواك ظنا هما منطلقين وإياهما منطلقين».
وقد تقدم أن الأفعال الملغاة يتعدى ضميرها إلى ضميرها ، كقولك أظنني منطلقا ، وظاهرها إلى ضميرها كقولك : ظنه زيد منطلقا.
ولا يتعدى ضميرها إلى ظاهرها ، كقولك : الزيدان ظنا منطلقين.
فإذا قلت : أخواك ظناهما منطلقين ، فللأخوين ضمير مرفوع ، وهو الألف في «ظنا» ، وضمير منصوب وهو «هما» فتحمله على المرفوع ؛ لأنا إذا قلنا ذلك ، فجعلنا الأخوين مكان الضمير المرفوع صار : ظناهما أخوانك منطلقين ، وهذا شائع جائز.
ولو حملتهما على ضميرها المنصوب لم يجز ؛ لأنك لو وضعتهما مكان الضمير لقلت : أخويك ظنا منطلقين ، فكنت تنصب الظاهر بضميره المتصل. وقد بينا فساد ذلك.
وقوله : «إياهما ظنا منطلقين»
جائز ، كما يجوز قولك : ظننتني منطلقا ، وإن كان إياهما ضميرا منفصلا ؛ لأن الضمير المنفصل أقوى من المتصل في تعدي الفعل إليه ، ألا ترى أنك إذا قلت : ظننتني قائما ثم قدمت ، قلت : إياي ظننت قائما ، إذ لا يمكن اتصال الضمير وهو قبل الفعل.
قال : «أأنت حسبتك منطلقا؟ فيحمل الضمير إن شئت على التاء في حسبتك. وإن حملته على الكاف قلت : أإياك حسبتك منطلقا؟».
هذا باب ما جرى في الاستفهام من أسماء الفاعلين والمفعولين مجرى الفعل
يبين سيبويه في هذا الباب أن أسماء الفاعلين والمفعولين الجارية على أفعالها تعمل عمل الفعل المضارع لها ، لما كانت على معناه كقولك : هذا ضارب زيدا ، ومكسو جبة وما أشبه ذلك.
فإذا أوليت حرف الاستفهام اسما أوقعت على ضميره اسم فاعل أو اسم مفعول حمل ذلك الاسم على إضمار فعل ، وكان اسم الفاعل والمفعول تفسيرا له ، أو تضمر من أسماء الفاعلين والمفعولين مثلما أظهرت ، مثال ذلك أن تقول : أزيدا أنت ضاربه؟ وأعمرا أنت مكرم له؟ فتنصب زيدا بإضمار فعل فسره ضارب ؛ لأنه في معناه.