وإن شئت أضمرت مثلما أظهرت ، فيكون التقدير : أتضرب زيدا أنت ضاربه ، أو أنت ضارب زيدا أنت ضاربه؟
وكذلك : آلدار نازل فيها؟ وأعمرا أنت واجد عليه؟ وأزيد أنت محبوس عليه؟ ، وأزيدا أنت مكابر عليه؟ ، كأنه قال : انتظر زيدا أنت محبوس عليه ، وأسلبت زيدا أنت مكابر عليه؟
وهذا من أسماء المفعولين التي تجرى مجرى الفعل وتعمل عمله ما دامت على معنى الحال أو الاستقبال ، فإن أريد بشيء منها معنى المضي ، لم يجز أن تنصب ولا أن تكون تفسيرا لما ينصب ، وجرت مجرى سائر الأسماء.
وبين سيبويه في هذا الباب أن اسم الفاعل إذا جمع عمل عمل واحده ، واستشهد على ذلك بقول أبي كبير :
* ممن حملن به وهن عواقد |
|
حبّك النطاق فعاش غير مهبّل (١) |
فنون «عواقد» ضرورة ، ونصب بها الحبّك.
ومعنى حملن به : من الحبل ، أي : أنهن حبلن وهن يخدمن ، وكانت العرب تستحب أن تطأ النساء وهن متعبات وفرعات ليغلب ماء الرجل فيكون شبه الولد به.
فيصف أنها حملت به وهي عاقدة حبك نطاقها.
والحبك : الطريق. والمهبل : الكثير اللحم ، وقيل : هو الذي يدعى عليه بقولهم : هبلتك أمك. والهاء في «به» تعود على من.
وقال العجاج :
* أو الفا مكة من ورق الحمي
فصرف أو الفا ونصب «مكة» بها.
وذكر سيبويه أن بعض العرب ينصب بفعال جمع فاعل ، ففرق في العمل والقوة بينه وبين فواعل لأنه قال : «قد أجرى بعضهم فعّالا مجرى فواعل».
فإن قال قائل : ما الفرق بينهما ، وفعال في المذكر كفواعل في المؤنث؟ فالجواب أن فواعل ألزم لفاعلة من فعال لفاعلة ، ولا يقع فواعل لفاعل إلا في ضرورة الشعر ، أو على الشذوذ ، فلما لزمت فواعل فاعلة ، أشبهت فاعلات ، وفاعلات قوية في العمل لجريها على السلامة.
فبمضارعتها للفعل إذا جمع فيه الضمير ، قويت في العمل قوة فاعلات ، ولما لم يلزم فعّال فاعلا لزوم فاعلين ، لم يجر في قوة العمل مجراه ، فكانت الإضافة فيه أكثر من التنوين والنسبة لذلك.
__________________
(١) ديوان الهذليين ٢ / ٩٢ ، الكامل ١ / ١٣١ ، شرح النحاس ٨٩ ، شرح السيرافي ٢ / ٥٩٣.