وذكر أن اسم الفاعل إذا غير عن بنائه لما لزمه من معنى المبالغة جرى مجراه قبل التغيير في العمل.
واستشهد على ذلك بقول ذي الرمة :
* هجوم عليها نفسه غير أنه |
|
متى يوم في عينيه بالشبح ينهض (١) |
فنصب نفسه بهجوم ، كأنه قال : يهجم نفسه عليها ، أي : يطرح نفسه.
يصف ظليما يطرح نفسه على البيض ما لم ير إنسانا فإذا رآه تنحى حتى لا يهتدي إلى البيض.
وهذا كقول ذي الرمة :
ـ وبيضاء لا تنخاش منا وأمها |
|
إذا ما رأتنا زيل منها زويلها |
وقال أبو ذؤيب
* قلى دينه واهتاج للشوق إنّها |
|
على الشوق إخوان العزاء هيوج (٢) |
والبيت للراعي لا لأبي ذؤيب.
يريد أن المرأة هيوج إخوان العزاء وذوي الصبر. فإذا كانت تهيج لذوي الصبر ، فهي لغيرهم أهيج. يصف امرأة ، وأنها لو تراءت لراهب قلى دينه.
وقد ذكر ذلك في بيت قبل هذا
وقال القلاخ :
* أخا الحرب لباسا إليها جلالها |
|
وليس بولاج الخوالف أعقلا (٣) |
فنصب جلالها بقوله : لباسا. والأعقل : الذي تصطك ركبتاه إذا مشى.
والخالفة : عمود في مؤخرة الخيمة ، وقيل : هي شقة من بيت الشعر تلي الأرض.
وصف رجلا بأنه يألف الحروب ، ويلبس لها سلاحها وأنه ليس بضعيف الخلقة ولا ألف للبيوت.
وأنشد :
* بكيت أخا لأواء يحمد يومه |
|
كريم رءوس الدار عين ضروب (٤) |
نصب رءوسا بضروب.
وفي هذا رد على الكوفيين ؛ لأنهم يأبون التقديم في مثل هذا. واللأواء : الشدة.
__________________
(١) ديوان ذي الرمة ٣٢٤ ، شرح النحاس ٢ / ٥٩٥.
(٢) ديوان الراعي ٢٩ ، شرح الأعلم ١ / ٥٦ ، شرح النحاس ٨٧ ، شرح السيرافي ٢ / ٥٩٦.
(٣) شرح الأعلم ١ / ٥٧ ، المقتضب ٢ / ١١٢ ، شرح النحاس ٨٧ ، شرح السيرافي ٢ / ٥٩٧.
(٤) شرح الأعلم ١ / ٥٧ ، شرح النحاس ٨٨ ، شرح السيرافي ١ / ٤١٢ ، شرح المفصل ٦ / ٧١.