مضى كله أو بعضه على لفظ اليقين لحقه فيه الشك ، كما تقول : عبد الله أمير ، على طريق الإخبار بذلك وأنت لم تشاهده ، فيجب أن تستظهر في خبرك فتقول : بلغني أي هذا الذي قلته فيما بلغني لا في ما شاهدته.
ولو قدمت "بلغني" لم يجز ، لأن "بلغني" فعل و "عبد الله أمير" جملة ، فلا تكون فاعلة ، ولكن تقول : بلغني إمارة عبد الله ، كما تقول من يقول ذلك تدري؟ مستفهما ، فمن مبتدأة ، ويقول خبرها ، وتدري ملغى. ولو قدمته لعمل تدري في" من" وصارت في معنى الذي.
وقد يقول القائل : زيد قائم ظننت وزيد ظننت قائم ، وهو في أول كلامه شاك ، غير أنه لا يعمل الشك ، كما يقول القائل : زيد أمين وهو يضمر عندي ، أو في ظني ، فإذا جاز هذا ، جاز أن يظهر ما أضمر ، ويكون الكلام على حاله.
(قال بعضهم : سمعت محمد بن الوليد يقول : سيبويه يجيز ظننت زيد منطلق فيلي الظن مقدما ومؤخرا ، لأن الظن بمنزلة القول عنده.
وقال لنا علي بن سليمان : هذا كلام إنسان لا يعرف باب الظن ، لأنا إذا قلنا. أزيد منطلق ظننت فإنما ، بنينا كلامنا على الابتداء ، ثم جئنا بالظن وألغيناه ؛ لأن المعنى زيد منطلق في ظني فإذا قلت : ظننت زيدا منطلقا بنينا كلامنا على الفعل ووليه المفعول به ، فكيف يرفع المفعول به وقد بدأنا بالفعل وأوقعناه عليه. والبيت قد جرى تفسيره في الكتاب).
وأنشدني لأبي ذؤيب :
* فإن تزعميني كنت أجهل فيكم |
|
فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل (١) |
وشريت بمعنى اشتريت وبمعنى تعبت
وأنشد للنابغة الجعدي :
* عددت قشيرا إذ عددت فلم أسأ |
|
بذاك ولم أزعمك عن ذاك معزلا (٢) |
فعدى أزعم إلى مفعولين ، والتقدير : فلم أزعمك معزلا عن ذلك. وقشير قبيلة قوله : " وإنما يحكى بعد القول ما كان كلاما لا قولا"
يعني بالكلام الجملة التي عمل بعضها في بعض وبالقول : المصدر
فقولك : قال زيد قولا ، وقال زيد خيرا لأن معناه قولا خيرا.
قوله : " وكذلك ما تصرف من فعله إلا" تقول" في الاستفهام" إلى قوله" كلغة بني تميم".
اعلم (أن القول قد يستعمل في معنى الظن والاعتقاد ، وذلك أن القول والظن يدخلان
__________________
(١) ديوان الهذليين ١ / ٣٦ ، شرح الأعلم ١ / ٦١ ، شرح النحاس ٩٣ ، شرح السيرافي ٢ / ٦٠٣.
(٢) ديوان النابغة ١١٤ ، شرح الأعلم ١٦٢ ، شرح النحاس ٩٤.