فانظر ، فيكون الرفع للضمير تفسيرا لفعل يرفع أنت على رتبة المنصوب في قولك : زيد فاضربه.
والوجه الثاني : أن تجعل أنت مبتدأ وتضمر له خبرا ، وتجعل الفاء جوابا للجملة كأنه قال : أنت الراحل كما تقول : أنت الهالك ثم تحذف فتقول : أنت لدلالة الحال عليه ، ومثال هذا أن تقول إذا وصف أهل النحو فقال الناس : الخليل أي الخليل النحوي.
والوجه الثالث : أن تجعل أنت (في نيتك) خبرا لمبتدأ ، كأنك نويت الراحل أنت ، وجعلت في نيتك المبتدأ.
وقال سيبويه في هذا الوجه الثالث :
وهذا على قولك : شاهداك ... أي ما يثبت لك شاهداك
ومعنى هذا أن يتقدم رجلان إلى حاكم أو غيره ، فيدعي أحدهما على الآخر (شيئا) فينكره ، فيقول الحاكم : شاهديك ـ على معنى : أحضر شاهديك ، وإن شاء قال : شاهداك ، أي الشيء الذي يثبت لك ويصح شاهدا. وحقيقة هذا الكلام : ما ثبت لك شهادة شاهدك.
ـ ويجوز أن ترفع" أنت ببكور لأن المصدر يعمل عمل الفعل كأنك قلت أتتروح أم تبتكر أنت؟
ـ ويجوز أيضا أن تجعل البكور في معنى باكر كما تقولك أنت إقبال وإدبار ، أي مقبل ومدبر.
وفي البيت أرواح مودع أم بكور ، والرواح لا يودع ..
قال الأصمعي : يودع فيه ، كما قال (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) [يونس : ٦٧] أي يبصر فيه. وتحقيقه من جهة النحو : أرواح ذو توديع فبني له من المصدر الذي يقع فيه اسم الفعل وإن لم يكن جاري على الفعل ، كما قالوا : رجل رامح ونابل ، على معنى ذوي رمح وذوي نبل.
وأنشد سيبويه لأبي الأسود الدؤلي :
* أميران كانا أخياني كلاهما |
|
فكلا جزاه الله عني بما فعل (١) |
فنصب" كلا" بفعل مضمر ، لأن الدعاء بمنزلة الأمر ، فهو بالفعل أولى.
قوله : وقبح تقديم الاسم في سائر حروف الحروف لأنها حروف تحدث قبل الفعل إلى قوله : ما يقبح حذف الفعل بعد حروف الجزاء.
يعني قبح تقديم الاسم في سائر الاستفهام سوى الألف كقولك : أين زيدا ضربته؟ لأن الوجه تقديم الفعل حتى يكون هو الذي يليها كقولك : أين ضربت زيدا؟
__________________
(١) شرح السيرافي ٢ / ٧١٣ ، ابن السيرافي ١ / ٨٨.