وقوله : «وإن شئت نصبت على ما نصبت عليه رأيت زيدا وجهه أحسن من وجه فلان».
أي : فتعديه إلى مفعولين من جهة النقل والعمل جميعا ، كما تقول صيرت الطين خزفا ، وإنما حملنا هذا الوجه على هذا ، لأنه في ذكر جعلت الذي في معنى عملت وأثرت.
قال : والوجه الثالث أن تجعله مثل ظننت متاعك بعضه أحسن من بعض
فهذا الوجه الذي في معنى التخيل ، والذي هو من طريق التسمية يشبه هذا الوجه ، إلا أنه لم يذكره اكتفاء بهذا.
قوله : «لأنك إذا قلت : أحزنت قومك بعضهم على بعض .. لم ترد» (أحزنت قومك و) بعضهم على بعض في عون.
يعني في إمارة وولاية ، ولا أبكيتهم وبعض أجسادهم على بعض. وإنما هو منقول من بكاء قومك بعضهم على بعض وبكى بعضهم بعضا.
قوله «وإن كان مما يتعدى إلى مفعولين أنفذته إليه ، لأنه كأنه لم يذكر قبله شيئا».
يعني إذا جعلت مكان : حزنت قومك بعضهم على بعض فعلا يتعدى إلى مفعولين ، عديته إليه كقولك : حسبت قومك بعضهم قائما وبعضهم قاعدا.
ومعنى قوله «كأنه لم يذكر قبله شيئا يعني أن حال المفعولين بعد حسبت في الاحتياج إليهما ، كحالهما في الابتداء إذا لم تذكر قبلهما فعلا لأن أحدهما يخبر عن الآخر».
هذا باب من الفعل يبدل فيه الآخ
ر من الأول ويجري على الاسم كما يجري أجمعون
قوله في هذا الباب : مطرنا سهلنا وجبلنا ومطرنا السهل والجبل
يجوز أن تبدل السهل والجبل من الضمير بدل الاشتمال ، ويجوز أن تجعله تأكيدا بمنزلة أجمعين ، كأنك قلت : مطرنا بقاعنا كلها ويجوز أن تنصب على أن تجعله مفعولا ثانيا على تقدير حذف حرف الجر ، ولا يطرد هذا في الأشياء كلها.
وكذلك تقول : ضرب زيد ظهره وبطنه بالرفع والنصب على ذلك التقدير ولا يقال : ضرب زيد يده ورجله على الظرف.
وإنما خالف الظهر والبطن الرجل واليد لأن الظهر والبطن عامان في الأشياء ، ألا ترى أن لكل شيء بطنا وظهرا ، فأشبها المبهمات من الظروف لعمومها ، وليس كذلك اليد والرجل.
والسهل والجبل بمنزلة الظهر والبطن ، لأن المواضع إما أن تكون سهلا وإما أن تكون جبلا ، فجعلت ظروفا لهذا الإبهام ، وهي مع ذلك شاذة لا تطرد ، وكذلك الزرع والضرع ، يشبه السهل والجبل لأن أكثر ما يراد له المطر : الزرع والمواشي ، فجاز النصب والرفع على الوجهين.