ولو جعل مكان ذلك : إما أمره مصاع كان مستقيما نائبا عن ذلك المعنى ، فحمل ما بعده عليه فقال :
* فلم يجدا إلا مناخ مطية |
|
تجافى بها زور نبيل وكلكل (١) |
ومفحصها عنها الحصا بجرانها |
|
ومثنى نواج لم يخنهن مفصل |
وسمر ظماء واترتهن بعد ما |
|
مضت هجعة من آخر الليل ذبل |
الشاهد في هذه الأبيات رفع سمر ظماء وما قبلها منصوب بقوله فلم يجدا كأنه قال : فلم يجدا في هذا المكان إلا مناخ مطية ، يعني ذئبين طرقا رحل رجل بعد رحيله ، فلم يجدا إلا مناخ مطية وإلا مفحص هذه المطية الحصى عنها بجرانها.
وكان ينبغي أن يقول : وإلا سمرا ظماء ذبلا ، وإنما يعني بالسمر الظماء الذبل : بعر هذه المطية وكأنه قال : وبها سمر ظماء.
والجران : باطن العنق. وأراد بالمثنى : قوائمها ، وقيل هو موضع تثني قوائمها بالأرض.
ومعنى قوله : تجافى بها زورا ، أي لم تلقه على الأرض لقوتها.
ووصف البعر بالذبول لبعد عهد الناقة بشرب الماء والنواجي : السريعة.
وقال آخر :
* بادت وغير أيهن مع البلى |
|
إلا رواكد جمرهن هباء (٢) |
ومشجع أما سواء قذاله |
|
فبدا وغير ساره المعزاء |
والشاهد في رفع (مشجع) كالبيت الأول ، والمشجع : الوتد تدقه في الأرض وقد بدا وسط رأسه وظهر وغير ساره المعزاء ، وهي الأرض ذات الحصى وقيل : سار في معنى سائر ، كما قيل : هار في معنى هائر .. ورواكد : يريد بها الأثافي واستثناها من أي الدار لأنها لم تبل ولم تتغير فيما قد تغير.
وأنشد للفرزدق فيما يقدر فيه التنوين :
* أتاني على القعساء عادل وطبه |
|
برجلي لئيم واست عبد تعادله (٣) |
أراد بالقعساء : ناقته ، وقيل أراد أتانا. والوطب : زق اللبن ونصب عادل في الحال.
وأنشد للزبرقان بن بدر :
* مستخفي حلق الماذي يحفزه |
|
بالمشرفي وغاب فوقه حصد (٤) |
__________________
(١) ديوان كعب ٥٢ ، شرح الأعلم ١ / ٨٨ ، شرح النحاس ١١٣ ، شرح السيرافي ٢ / ٧٧٣.
(٢) ديوان الشماخ ٤٢٧ ، ديوان ذي الرمة ٦٦١ ، شرح الأعلم ١ / ٨٨.
(٣) شرح الأعلم ١ / ٨٤ ، شرح النحاس ١٠٨ ، فرحة الأديب ١٧٦.
(٤) ديوان بشر ٧٥ ، شرح الأعلم ١ / ٨٥ ، المفضليات ٣٤٣ ، شرح النحاس ١٠٨.