ـ واعلم أن المبتدأ إذا وقع الفعل على ضميره فنصبه جاز أن يسمى مفعولا على المعنى كقولك : زيد ضربته ، يجوز أن يقال : زيد مفعول.
ـ واعلم أن الاسم الذي يستفهم به إذا كان له موضع من الإعراب ، فجوابه يكون على لفظ ما يستحقه الاستفهام ، وعلى تقدير عامله الذي عمل فيه.
ـ واعلم أن الظرف الذي يجوز إجراؤه مجرى الابتداء ، يجوز أن يقام الفاعل مجازا لأنا قد جعلناه بمنزلة زيد كقولك : سير بزيد يوم طويل.
ـ واعلم أن المقادير المضافة إلى الأنواع والمميزة بها ، حكمها حكم الأنواع كقولك : سرت عشرة أيام ، فعشرة ظرف ؛ لأنها مقدار أضيفت إلى أيام ، وأيام ظرف ، وكذلك : سرت عشرين يوما.
وجميع هذا تفسير للفصل الذي صدر به سيبويه ، ومعنى قوله :
«ولذلك وضع السائل كم غير ظرف».
يريد أن الضمير الذي في «صيد» إذا قلت : كم صيد عليه؟ ضمير يعود إلى «كم» قد أقيم مقام الفاعل ولم يجعل ظرفا ، فعبر بلفظ كم عن ضميره.
قال «ومثال ذلك بنو فلان يطؤهم الطريق» يريد : يطؤهم أهل الطريق. وهذا مدح ، والمعنى فيه أن بيوتهم على الجادة فالمارة تنزل عليهم ويضيفونهم ، فجعل مرور أهل الطريق بهم وطأهم إياهم.
قال : «وفي السعة مثله أنت أكرم عليّ من أن أضربك».
والقول في هذا ما قاله الزجاج ، قال : إن قدرته «أنت أكرم علي من ضربك» لم يجز وهو ظاهر الكلام ، فإن حمل المعنى عليه بطل. قال : وتهذيب هذا هو كأن قائلا قال : أنت تضربني ، فنسب الضرب إلى نفسه ، فقال الآخر : أنت أكرم علي من صاحب الضرب الذي نسبته نفسك ، وليس لك .. فكأنه قال : أنت أكرم على ممن يستحق ما زعمت أنه لك ونسبته إلى نفسك.
ونظير هذا قوله تعالى : (أَيْنَ شُرَكائِيَ) [القصص : ٦٢] فأضاف الشركاء إلى نفسه حكاية لقولهم وزعمهم أنهم له شركاء والمعنى : أين شركائي على زعمكم.
وأنشد للنابغة الجعدي :
* كأن عذيرهم بجنوب سلى |
|
نعام قاق في بلد قفار (١) |
العذير : الصوت ههنا والمعنى كأن صوتهم نعام ، ثم حذف وقاق صوت.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٠٩ ، الكامل ٢ / ٣٢٢ ، شرح النحاس ٧٢ ، شرح السيرافي ٢ / ٩٣٤.