من الحذر ، فهو خارج من هذا الباب ؛ لأن هذا باب عليك ودونك.
وليس الأمر على ما أورده أبو العباس في الوجهين جميعا :
ـ أما الوجه الأول فإن من الألفاظ للأمر ألفاظا الأكثر في عادة الكلام المشهور أن يقال : نهي ، وإن كان بلفظ الأمر كقولك : تجنب فلانا واحذر فلانا ، فجرى سيبويه على اللفظ المعتاد.
ـ وأما الوجه الآخر فإنما أراد سيبويه في هذا الباب تفصيل المضاف من المفرد الذي قبله ؛ لأنه قد ذكر ظروفا وأسماء كلها مضافات ، وقد ترجم الباب بقوله «بأسماء مضافة».
قال : «فأما حي هلك وهاأك وأخواتها فليس فيها إلا ما ذكرنا ؛ لأنهم لم يجعلوهن مصادر».
يعني أن الكاف في هذه الأشياء لا موضع لها وإنما هي للخطاب ، ففرق بين رويدك وبين حيهلك لأن كاف رويدك مرة بمنزلة كاف حيهلك ـ للخطاب خاصة ـ ومرة في موضع جر بمنزلة الكاف في عليك وحذرك.
هذا باب ما جرى من الأمر والنهي على
إضمار الفعل المستعمل إظهاره
اعلم أن الإضمار على ثلاثة أوجه :
ـ وجه يجب فيه الإضمار ولا يحسن فيه الإظهار.
ـ ووجه لا يجوز فيه الإضمار.
ـ ووجه أنت مخير فيه بين الإظهار والإضمار.
ـ فأما ما لا يجوز فيه الإضمار ، فأن تقول مبتدئا : زيد ، من غير سبب يجري ولا حال حاضرة دالة على معنى ؛ لأنه لا يدري ما أضمرت من الأفعال.
ـ وأما ما يجوز إضماره وإظهاره فأن ترى رجلا يضرب أو يشتم ، فتقول زيدا ، تريد أضرب زيدا ، ويجوز إظهاره.
ـ والوجه الثالث قولك : إياك والأسد معناه اتق إياك ولا يحسن إظهار ما نصب إياك.
واستشهد سيبويه على تمثيل إظهار الفعل المضمر في هذا الباب بقول جرير :
* خل الطريق لمن يبني المنار به |
|
وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر (١) |
فأظهر الفعل كما ترى.
يقول هذا لعمرو بن لجأ الخزرجي ، وكان قد اعترض جريرا فأراد مهاجاته ومفاخرته ،
__________________
(١) ديوان جرير ١ / ٢٨٤ ، شرح الأعلم ١ / ١٢٨ ، شرح السيرافي ٣ / ١.