فقال هذا. (وبرزة إحدى جداته فعيره بها).
واستشهد سيبويه على جواز الحذف الذي عقد به الباب بقول العرب في مثل من أمثالها (اللهم ضبعا وذئبا) أراد بذلك الدعاء على غنم رجل.
قال أبو العباس : سمعت أن هذا دعاء له لا دعاء عليه ؛ لأن الضبع والذئب إذا اجتمعا يتقاتلان فأفلتت الغنم.
وقال : أما ما وصفه سيبويه فإنه يريد ذئبا من هنا وضبعا من ههنا.
واستشهد على إضمار الفعل بقول الشاعر :
* أخاك أخاك إن من لا أخا له |
|
كساع إلى الهيجا بغير سلاح (١) |
يريد الزم أخاك. إلا أن هذا مما يجوز إظهاره ؛ لأنهم كرروا فجعلوا أحد الاسمين كالفعل ، والاسم الآخر كالمفعول ، ومنه قول العرب : (أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك).
أي عليك أمر مبكياتك واتبع أمر مبكياتك ، ومعناه اتبع أمر من ينصح لك فيرشدك وإن كان مرّا عليك صعب الاستعمال ، ولا تتبع أمر من يشير عليك بهواك ؛ لأنه ربما أدى إلى العطب.
ومنه (الظباء على البقر) والمعنى في المثل أنك تنهاه عن الدخول بين قوم يتشابهون ويتكافئون في شر غيره ؛ لأن الظباء وبقر الوحش متشابهات من حيث كانت وحشيات.
ونصب الظباء على تقدير خل الظباء على البقر.
هذا باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل
إظهاره في غير الأمر والنهي
وذلك إذا رأيت رجلا متوجها وجهة الحج. فقلت : مكة ورب الكعبة كأنك قلت : يريد مكة.
فهذا الباب يشتمل على ما يجوز إظهار الفعل فيه وإضماره لحالة حاضرة ودلالة بينة ، ولا يجوز أن تقول : زيد وأنت ليضرب زيدا ، وليضرب زيد ، لأنك إذا فعلت ذلك فلا بد من أن تقدر للمخاطب ، فعلا كأنك قلت له : قل ليفعل كذا وكذا ، فضعف هذا عندهم لإضمار فعلين لشيئين مع ما يدخل فيه من اللبس ؛ لأن المخاطب لا يعلم أنك أردت : قلت له ليضرب زيدا ، أو أردت لا تقل له ليضرب زيدا ونحو ذلك من الأفعال المتضادة.
وإنما جاز إضمار فعل الغائب في قولهم : أراد مكة ونحوه من الخبر ؛ لأنك لا تضمر للمخاطب المخبر فعلا آخر كما أضمرت في أمر الغائب فاعله.
__________________
(١) ديوان ابن هرمة القرشي ، شرح الأعلم ١ / ١٢٩ ، شرح النحاس ١٢٢ ، الخصائص ٢ / ٣٨٠.