هذا باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل وإظهاره بعد حرف
وذلك قولك : الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر
اعلم أن هذا الباب يجوز فيه أربعة أوجه :
ـ الرفع في الشرط والجواب ، كقولك : إن خير فخير.
ـ والنصب فيهما ..
ـ والنصب في الأول والرفع في الثاني.
ـ والرفع في الأول والنصب في الثاني.
وقد فسر سيبويه جميع هذه الوجوه.
وأنشد لهذبة :
* فإن تك في أموالنا لا نضق بها |
|
ذراعا وإن صبر فنصبر للصبر (١) |
أي وإن كان منا صبر. والصبر في هذا الموضع : الأمر الذي يجب الصبر عليه ، ويكون كرما وهو قتله.
وكان قد قتل ابن عمه فقال :
(فإن تك في أموالنا) ـ يعني الدية ـ (لا نضق بها ذراعا) أي لا نضعف عن أدائها (وإن صبر) أي وإن وقع قتل يجب الصبر عليه لما في ذلك من الكرم للصبر.
وأنشد :
* قد قيل ما قيل إن حقّا وإن كذبا |
|
فما اعتذارك من قول إذا قيلا (٢) |
ويجوز : إن حق وإن كذب ، على معنى : وإن وقع حق وإن وقع كذب.
قال : «ومثل ذلك قول العرب في مثل من أمثالها إلا حظية فلا ألية».
أصل هذا المثل ، أن رجلا تزوج امرأة ، فلم تحظ عنده ، ولم تكن مقصرة فيما يحظى النساء عند أزواجهن ، فقالت لزوجها (إلا حظية فلا ألية) أي إن لم تكن لك حظية من النساء ؛ لأن طبعك لا يلائم طباعهن فإني غير مقصرة فيما يلزمني للزوج.
وقوله : «ولو عنت بالحظية نفسها لم يكن إلا نصبا»
يعني إن كان التقدير في قولها «إلا حظية : إلا أكن حظية ، فالنصب لا غير».
وأنشد :
* لا تقربن الدهر آل مطرف |
|
إن ظالما أبدا وإن مظلوما (٣) |
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٣١ ، الكامل ٣ / ٨٥ ، شرح السيرافي ٣ / ٨ ، مغني اللبيب ١ / ٣٩٨.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٣١ ، شرح النحاس ١٢٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٨ ، المفصل (٢ / ٩٧).
(٣) ديوان ليلي ١٠٨ ، ديوان حميد بن ثور ١٣١ ، شرح النحاس ١٢٣.