قال «ومثل ذلك أن ترى رجلا قد أوقع أمرا أو تعرض له فتقول متعرضا لعنن لم يعنه كأنه قال فعل هذا متعرضا».
والعنن : ما عن لك ، أي عرض ، والمعنى : دخل في شيء لا يعنيه ولا ينبغي له التشاغل به.
ومثله :
* مواعيد عرقوب أخاه بيثرب (١)
عرقوب رجل وعد وعدا فأخلفه ، وله قصة طويلة فضرب به المثل في الخلف.
قال أبو عبيدة إنما هي يثرب ، وأنكر يثرب لأن عرقوبا رجل من العماليق ، وكانوا بالبعد من يثرب ويترب بالتاء وفتح الراء موضع عندهم.
قال : «ومثله غضب الخيل على اللجم» وذلك إذا رأيت رجلا غضب غضبا لا يضارى قلت له : غضبت كغضب الخيل على اللجم. (والظباء متروكة على البقر) ، فالرفع فيهما جائز على غضبك غضبة الخيل ، والظباء متروكة على البقر.
هذا باب ما يكون منصوبا على إضمار
الفعل المتروك إظهاره استغناء عنه ، وسأمثله لك مظهرا لتعلم ما أرادوا به إن شاء الله.
هذا الباب ترجمة لأبواب تأتي بعده مفصلة.
هذا باب ما جرى على الأمر والتحذير
وذلك قولك إياك ، كأنك قلت : إياك نح ، وإياك باعد
اعلم أن هذا الفعل الناصب لإياك لا يحسن إظهاره ؛ وذلك أن العرب اكتفت بإياك عن الفعل وكأن موضعه غير مشكل.
وإذا قلت : إياك والأسد ، فإنك تضمر فعلا تنصب به إياك وتعطف الأسد عليه ، كما تقول زيدا فاضرب وعمرا.
فإن قال قائل : فإذا جعلت الأسد عطفا على إياك بالواو فقد شاركه في معناه ، فإذا جعلت الأسد عطفا على إياك بالواو يشارك المعطوف عليه ، ألا ترى أنك تقول : ضربت زيدا وعمرا ، فيشتركان في الفعل ، فينبغي أن يكون الأسد مشاركا لإياك فيكون المخاطب محذورا مخوفا ، كما أن الأسد محذور مخوف.
قيل له : لا يستنكر أن يكون التخويف واقعا بهما جميعا وإن كان طريق التخويف مختلفا ، ألا ترى أنك تقول خوفت زيدا الأسد ، فزيد مخوف والأسد مخوف ، وليس معناه
__________________
(١) الكتاب ١ / ١٣٧ ، السيرافي ٣ / ٢٣ ، الخصائص ٢ / ٢١٧ ، شرح المفصل ١ / ١١٣.