فعطف «عبد المسيح» على : «إياك» ولو رفعه عطفا على المضمر المقدر المؤكد بأنت لجاز.
وأنشد أيضا :
* إياك إياك المراء فإنه |
|
إلى الشر دعاء وللشر جالب |
غير سيبويه يقدره على حذف «من» كأنه قال : من المراء وسيبويه يذهب إلى أن المراء منصوب بفعل غير الفعل المقدر لإياك كأنه أضمر بعد إياك : اتق المراء.
وذكر سيبويه في هذا الباب أشياء من كلام العرب وأشعارها حذفوا فيها الفعل ، فمن ذاك قول العرب : (هذا ولا زعماتك) معناه أن المخاطب كان يزعم زعمات ، فلما ظهر خلاف قوله قال له قائل : هذا الحق ولا زعماتك ، أي لا أتوهم ما زعمت.
قال : «ومنه قول ذي الرمة» :
* ديار مية إذ مي تساعفنا |
|
ولا يرى مثلها عجم ولا عرب (١) |
كأنه قال : اذكر ، ولكنه حذف لعلم السامع.
قال : " ومن ذلك قول العرب كليهما وتمرا التقدير أعطني كليهما وتمرا ، كأنما إنسانا خير آخر بين شيئين فطلبهما جميعا : المخير وزيادة عليهما فقال : أعطنيهما وتمرا وأنشد :
* اعتاد قلبك من سلمى عوائده |
|
وهاج أهواءك المكنونة الطلل |
ربع قواء أذاع المعصرات به |
|
وكل حيران سار ماؤه خضل |
أراد ذلك ربع ، أو هو ربع.
ولو نصب على معنى اذكر لجاز.
القواء : القفر. ومعنى أذاع : فرق ونشر.
والمعصرات : السحاب وقيل الرياح ، وأراد بالحيران السحاب إذا كان يمطر في موضع واحد يدور عليه كالحيران.
والخضل : الغزير.
وأنشد أيضا :
* هل تعرف اليوم رسم الدار والطللا |
|
كما عرفت بجفن الصيقل الخللا (٢) |
دار لمية إذ مي وأهلهم |
|
بالكناسية ترعى اللهو والغزلا |
ولو نصب دارا على : اذكر لجاز.
والخلل : الأغشية التي يغشى بها جفن السيف ، واحدتها خلة ، شبه بها رسوم الدار ؛ لأنها كانت موشية ، والكناسية : موضع. والغزل : الطرب إلى النساء.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٤٢ ، إعراب القرآن ٣ / ٨٨٧ ، شرح النحاس ١٢٧ ، شرح السيرافي ٣ / ٤١.
(٢) ديوان عمر ٤٧٩ ، شرح الأعلم ١ / ١٤٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٩٩.