وأنشد في الحمل على المعنى :
* وجدنا الصالحين لهم جزاء |
|
وجنات وعينا سلسبيلا |
لأن الوجدان مشتمل على الجزاء ، فحمل الآخر على المعنى ، وموضع قولهم «لهم جزاء» موضع نصب على الحال أو على المفعول الثاني إذا أردت «بوجدنا» معنى علمنا.
وكلام سيبويه دال على أن «وجدنا» بمعنى «أصبنا» بقوله : «لأن الوجدان مشتمل على الجزاء».
ولو كانت بمعنى علمت لم يكن مصدرها الوجدان.
وأنشد :
* أسقى الإله جنبات الوادي (١) |
|
وجوفه كل ملث غادي |
كل أجش حالك السواد |
رفع كل الأخير ونصب الذي قبله ؛ لأنه حمله على معنى سقاها كل أجش ؛ لأن فيما تقدم من قوله : دليلا على سقاها كل أجش. والأجش من صفة السحاب. والملث : المقيم : وهو أيضا من صفات السحاب ، ويروى «عدوات الوادي» والعدوة : الجانب وأصله من عدا يعدو إذا جاوز.
هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل
المتروك إظهاره في غير الأمر والنهي
وذلك قولك أخذته بدرهم فصاعدا.
معنى هذا أن يشتري أشياء بأثمان مختلفة أدناها درهم ، فإذا قلت : أخذت كل ثوب أو غيره من الأشياء بدرهم فصاعدا ، كان أدنى الثمن صاعدا فصار بعضها بدرهم وبعضها بدرهم وقيراط وبعضها بدرهم ودانق وهذا معنى قوله : «ثم قروت شيئا بعد شيء» مأخوذ من قروت الأرض إذا أنبتت قطعة منها بعد قطعة على جهة التتبع لشيء فيها ، ولا يحسن أن تقول أخذته بدرهم فصاعد من جهتين :
ـ أحدهما أن صاعدا نعت ولا يجوز أن تعطف على الدرهم إلا المنعوت.
ـ والجهة الأخرى : أن الثمن لا يعطف بعضه على بعض بالفاء ؛ لأن الثمن يقع جملة عوضا من المبيع ، فلا يتقدم بعضها على بعض ، وإنما لم يعطف بالواو ؛ لأنها للجمع ، وإنما هو على ما فسره سيبويه أنك أخذت بعضه بثمن ، ثم زاد الثمن في بعض ، وتقديره فزاد الثمن صاعدا.
__________________
(١) ملحقات ديوان رؤبة بن العجاج ١٧٢ ، شرح الأعلم ١ / ١٤٦ ، شرح النحاس ١٣٣ ، الخصائص ٢ / ٤٢٥.