* فكونوا أنتم وبني أبيكم |
|
مكان الكليتين من الطحال (١) |
وقال آخر :
* فكان وإياها كحران لم يفق |
|
عن الماء إذ لاقاه حتى تقددا (٢) |
فنصب بني أبيكم على أنه مفعول معه.
وقوله : فكان وإياها بتلك المنزلة.
ومذهب سيبويه أنك إذا قلت : ما صنعت وأباك؟ أن الأب منصوب بصنعت ، وكان الأصل فيه : ما صنعت مع أبيك؟
ومعنى «مع» والواو متقاربان ؛ لأن معنى «مع» الاجتماع والانضمام ، والواو تجمع ما قبلها مع ما بعدها وتضمه إليه ، وأقاموا الواو مقام «مع» ؛ لأنها أخف في اللفظ. والواو حرف لا يقع عليه الفعل ولا يعمل في موضعه ، فجعلوا الإعراب الذي كان في «مع» من النصب في الاسم الذي بعد الواو ، إذ لم تكن الواو معربة ولا في (موضع) معرب كما قالوا : ما جاءني أحد إلا زيد ، وجاءني القوم إلا زيدا فإذا جئت «بغير» أعربتها بإعراب الاسم الذي يقع بعد «إلا» فقلت : ما قام أحد غير زيد ، وما جاءني غير زيد وجاءني القوم غير زيد ، فإذا جعلوا إلا مكان غير تجاوز الإعراب الذي كان في غير إلى ما بعد إلا ؛ لأنها حرف غير عامل.
وكذلك ما زلت وزيدا ، لما كانت «الباء» عاملة في قولك : ما زلت بزيد ، لم يكن للفعل الذي قبلها عمل في ما بعدها لأن الباء في موضع نصب فإذا قلت : ما زلت وزيدا ، ، تجاوز النصب الذي كان يقدر في الباء إلى ما بعد الواو.
وكان الزجاج يقول : إذا قلت : ما صنعت وأباك فإنما تنصب بإضمار فعل ، كأنه قال : ما صنعت ولابست أباك ، قال : من أجل أنه لا يعمل الفعل في المفعول وبينهما الواو.
والقول قول سيبويه ؛ لأنك تقول : ضربت زيدا وعمرا ، فتعمل ضربت في زيد دون واسطة إذ كان الكلام مستغنيا عنها لعمله في عمرو بواسطة حرف عطف ، فقد عمل الفعل في مفعوله وبينهما حرف. وكذلك : «ما ضربت إلا زيدا» فتعمل ضربت في زيد وبينهما إلا.
واعلم أن الواو لا يذهب بها إلا معنى «مع» حتى يكون فيها معنى غير العطف المحض ، والعطف المحض : أن توجب لكل واحد من الاسمين الفعل من غير أن يتعلق فعل أحدهما بالآخر كقولك : قام زيد وعمرو وما صنع زيد وعمرو إذا أردت أن كل واحد منهما فعل فعلا لا يتعلق بالآخر.
فإن أردت : ما صنع زيد مع عمر؟ على معنى إلى أي شيء انتهيا فيما بينهما من
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٥٠ ، مجالس ثعلب ١ / ١٠٣ ، شرح النحاس ١٣٩.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٥٠ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٣٤.