ثم قال : «وبين ما بني عليه الحرف بناء لا يزول».
والذي يبنى عليه الحرف ، هو حركة البناء ، فكأنه في التمثيل لا فرق بين الحرف والحركة. والفرق بينهما بين لا لبس فيه وإنما الوجه أن يفرق بين حركة الإعراب وحركة البناء.
والجواب : أن سيبويه ، إنما أراد : لأفرق بين إعراب ما يدخله ضرب من هذه الأربعة وبين الحركة التي يبنى عليها الحرف بناء لا يزول ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
وقوله : «وحروف الإعراب للأسماء المتمكنة والأفعال المضارعة» إلى قوله : «الزوائد الأربع».
إن قال قائل : ما الأسماء المتمكنة؟
قيل له : كل اسم معرب فهو متمكن ثم ينقسم قسمين.
ـ قسم مستوف للتمكن كله وهو المنصرف.
ـ وقسم ناقص عن هذا ، وهو غير المنصرف.
وكان بعضهم يسمي الاسم المستوفي للتمكن : الاسم الأمكن ، ويسمي كل ما استحق الإعراب متمكنا.
فإن قال قائل : كيف صارت هذه الحروف في الأفعال المضارعة أولى بها من غيرها؟
قيل له : أولى الحروف بالزيادة حروف المد واللين وهي المأخوذة منها الحركات ، فأما الألف فلا سبيل إلى زيادتها أولا ؛ لأنها لا تكون إلا ساكنة ، ولا يبدأ بساكن فأبدل منها أقرب الحروف إليها وهي الهمزة مع أنها تزاد أولا كثيرا ، فكانت أولى الحروف بالوضع مكان الألف.
وأما الواو ، فإنها لا تزال أولا في حكم التصريف لثقلها فأبدل منها حرف يبدل منها كثيرا وهو التاء.
واحتاجوا بعد هذه الحروف إلى رابع فكان أقرب الحروف من حروف المد واللين : النون ، وذلك أنها تجرى في الخيشوم كما تجري حروف المد واللين في مواضعها.
قوله : «وليس في الأسماء جزم» إلى قوله : «وذهاب الحركة».
إن قال قائل : هلا حذفتم الحركة وحدها بدخول الجزم وأبقيتم التنوين ، ثم حركتم الحرف المجزوم لالتقاء الساكنين؟
قيل له : هذا يفسد من وجهين :
ـ أحدهما : أن التنوين فرع ، وإنما أتى به لقوة المتحرك فإذا دخل ما يحذف الحركة كان أولى بحذف التنوين.