ولم يذهب سيبويه في ذلك إلى اختصاص «كيف» بالمستقبل و «ما» بالماضي وإنما أراد التمثيل على الوجه الذي يمكن أن يمثل به.
واستدل سيبويه على أن قولهم : ما أنت وزيدا؟ وهم يريدون معنى مع.
وأنشد :
* تكلفني سويق الكرم جرم |
|
وما جرم وما ذاك السويق (١) |
استكثر لها شرب الخمر.
وبعد هذا البيت :
وما عرفته جرم وهو حل |
|
فلما أنزل التحريم فيها |
وما غالى بها إذ قام سوق |
|
إذا الجرمي عنها لا يفيق |
يريد أنه لم يكن محل جرم أن تعرف الخمر في الجاهلية ولا تشربها ، وإنما ذكر «عرفته» ؛ لأنه رده إلى لفظ «السويق» وسويق الكرم : الخمر. فسماها بذلك لانسياقها في الحلق. وبذلك سمي السويق لأنه يشرب ولا يؤكل.
وأنشد لبعض الهذليين :
* وما أنا والسير في متلف |
|
يبرح بالذكر الضابط (٢) |
كأنه قال : ما كنت مع السير؟
ومعنى يبرح : يشق عليه ويجده. والضابط : القوي الشديد. يصف جملا.
وأنشد :
* فمن يك سائلا عني فإنّي |
|
وجروة لا ترود ولا تعار (٣) |
فعطف «جروة» على المنصوب «بإن» والمعنى مع ، فاستغنى عن ذكر الخبر لذلك ، وهو كقول العرب (إنك وما وخيرا) يريدون إنك مع خير ، و «ما» زائدة ، والخبر محذوف ، وقد بينت جواز حذفه.
أنشد :
* أزمان قومي والجماعة كالذي |
|
منع الرحالة أن تميل مميلا (٤) |
أراد : أزمان قومي كان مع الجماعة ، وحذف «كان» ؛ لأنهم يستعملونها كثيرا في مثل
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٥٢ ، الكامل ١ / ٣٣٣ ، شرح النحاس ١٤٠ ، شرح السيرافي ٣ / ٧٠.
(٢) ديوان الهذليين ٢ / ١٩٥ ، شرح الأعلم ١ / ١٥٣ ، شرح النحاس ١٤١ ، شرح السيرافي ٣ / ٧١.
(٣) ديوان عنترة ٦٥ ، شرح الأعلم ١ / ١٥٢ ، أنساب الخيل ٢٢ ، شرح النحاس ١٤١.
(٤) جمهرة أشعار العرب ٧٤٣ ، شرح الأعلم ١ / ١٥٤ ، شرح النحاس ١٤٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٧١.