هذه المواضع ، ولا لبس فيه ولا تغير معنى.
وأنشد عن أبي الخطاب عن بعض العرب :
* أتوعدني بقومك يا ابن حجل |
|
أشابات يخالون العبادا (١) |
بما جمعت من حضن وعمرو |
|
وما حضن وعمرو والجيادا |
فنصب الجياد على تقدير : وما حضن وعمرو مع الجياد وأشابات : أخلاط. نصبهم على الذم ، وإن شئت كان مخفوضا على البدل من القوم.
وأنشد فيما حمل على المعنى :
* فلم أر مثلها خباسة واحد |
|
ونهنهت نفس بعد ما كدت أفعله (٢) |
أراد : كدت أن أفعله ، فحذف «أن» ضرورة بعد أن قدرها مستعملة للضرورة ، وغير سيبويه يقول : أنهم أرادوا : بعد ما كدت أفعلها فحذفوا الألف وسكنوا الهاء وألقوا حركتها على اللام ، وقد جاء مثل ذلك في كلامهم ، وبعضهم يقول : أراد فعلته ، فحذف النون وبقيت اللام مفتوحة.
كما قال :
* اضرب عنك الهموم طارقها |
|
ضربك بالسوط قونس الفرس (٣) |
فحذف النون من «اضربن»
ومعنى الخباسة في البيت : الظلامة ، ومنه يقال : رجل خبوس ، أي ظلوم.
هذا باب ما يضمرون فيه الفعل لقبح الكلام
إذ حمل آخره على أوله ، وذلك قولك : مالك وزيدا ، وما شأنك وعمرا
قال الشاعر :
* فما أنا والتلدد حول نجد |
|
وقد غصت تهامة بالرجال (٤) |
وقال آخر :
* فما لكم والفرط لا تقربونه |
|
وقد خلته أدنى مرد لعاقل (٥) |
التلدد : الذهاب والمجيء كالتخير ، وأصله من الديدين ، وهما صفحتا العنق.
ونصب التلدد بإضمار الملابة ، وكذلك نصب الفرط في البيت الذي بعده.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٥٣ ، شرح النحاس ١٤٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٧٢.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٥٥ ، فرحة الأديب ٨٠ ، الإنصاف ٢ / ٥٦١.
(٣) نوادر أبي زيد ١٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٧٤ ، المسائل العسكرية ١٩٦ ، الخصائص ١ / ١٢٦.
(٤) ديوان الهذليين ٢ / ٤٦ ، شرح السيرافي ٣ / ٧٥ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٣٠.
(٥) شرح السيرافي ٣ / ٧٩ ، الأعلم ١ / ١٥٥.