واستدل سيبويه على أنه لا يحسن عطف «عمرو» على «الشأن» بأنك لو قلت : ما شأنك وما عبد الله؟ لم يحسن لأن الشأن ليس يلبس بعبد الله كالتباس «جرم» «بالسويق» إذا قلت : ما جرم وما ذاك السويق ، وإنما التباس عبد الله بالكاف إلا أنه لا يعطف عليها ؛ لأنها ضمير مجرور ، ولو كان اسما ظاهرا لعطف عليه.
هذا باب ما ينتصب من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره
وذلك قولك : سقيا لك وجوعا ونوعا ورعيا.
قال الشاعر :
* تفاقر قومي إذ يبيعون مهجتي |
|
بجارية بهرا لهم بعدها بهرا (١) |
معنى بهرا : قهرا ، أي : غلبوا غلبا من قولك : بهرني الشيء ، أي غلبني. ومنه القمر الباهر إذا تم ضوؤه وغلب.
ومعنى قولهم : جوعا وبوعا ، أي : جوعا وعطشا ، وقيل : هو اتباع وأنشد لأبي زبيد يصف أسدا :
* أقام وأقوى ذات يوم وخيبة |
|
لأول من يلقى وشر ميسر (٢) |
أراد : أقام السد. وأقوى : لم يأكل شيئا. والقواء : فناء الزاد.
وخيبة لأول من يلقى الأسد المقوى الجائع ، وليس هذا على معنى الدعاء عليه ولكنه متوقع كما أن المدعو به متوقع في حال الدعاء ، فلذلك استشهد به سيبويه.
قال : ومثله في الرفع :
* عذيرك من مولى إذا نمت لم ينم |
|
يقول الخنا أو تعتريك زنابره (٣) |
فرفع عذيرك ، والأكثر نصبه ، والذي يرفعه يضمر خبره. أراد بالزنابر : ذكره إياه بالسوء واغتيابه.
قال : «ومثله قول حسان» :
* أهاجيتم حسان عند ذكائه |
|
فغي لأولاد الحماس طويل (٤) |
فهذا دعاء من حسان عليهم ؛ لأنه هجا رهط النجاشي ، ورفع كما رفع ما تقدم ، وفيه معنى الدعاء ، والذكاء : انتهاء السن.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٥٧ ، الكامل ٢ / ٢٤٥ ، شرح النحاس ١٤٣.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٥٧ ، شرح المفصل ١ / ١١٤ ، اللسان ٥ / ٢٩٧.
(٣) شرح الأعلم ١ / ١٥٨ ، شرح النحاس ١٤٤ ، شرح السيرافي ٣ / ٨٢.
(٤) ديوان حسان ٣٥٨ ، شرح الأعلم ١ / ١٥٨ ، شرح النحاس ١٤٤.