ترى أنك تقول : هذا شيء هنيء مريء ، كما تقول : هذا رجل صبيح جميل.
واستدل سيبويه على أنهما بدل من الفعل باستعمال الفعل مكانهما.
وأنشد :
* إلى إمام تغادينا فواضله |
|
أظفره الله فليهنئ له الظفر (١) |
فجعل «فليهنئ» بمنزلة : هنيئا له الظفر.
وأنشد :
* هنيئا لأرباب البيوت بيوتهم |
|
وللعزب المسكين ما يتلمس (٢) |
فجعل «هنيئا» بدلا من هنأة ذلك.
هذا باب ما أجري من المصادر المضافة مجرى
المصادر المفردة المدعو بها
وذلك قولك : ويحك وويسك.
ذكر سيبويه هذه الأشياء على نحو استعمال العرب لها ، ولم يجز «سقيك» ؛ لأن العرب لم تدع به.
ولم يجعل هذا قياسا يتبع ؛ لأنها أشياء وضعت موضع الفعل دون أن يذكر معها فلا يجوز تجاوزها إلى غيرها ؛ لأن الإضمار والحذف اللازم ليس بمستمر.
قال : «وهذا حرف لا يتكلم به مفردا .. وهو قولك : ويلك وعولك»
وهذا كالإتباع الذي لا يؤتى به إلا بعد شيء يتقدمه.
فإن قال قائل : عولك لا يجري مجرى الإتباع لأمرين :
ـ أحدهما : أن فيه الواو ، والإتباع المعروف لا يكون بعد الواو.
ـ والآخر : أن «عولك» معنى معروف ؛ لأنه من عال يعول كما تقول : جاز ، يجوز ، قيل له : إنما أراد سيبويه أنه لا يستعمل في الدعاء ـ وإن كان مفعول المعنى ـ إلا عطفا ، ولم يرد باب الإتباع الذي هو بمنزلة أجمعين أكتعين.
هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره
من المصادر في غير الدعاء
ومن ذلك قولك : حمدا وشكرا
اعلم أن هذه المصادر أخبار يخبر بها المتكلم عن نفسه وليس بدعاء ، ولكنها ضارعت الدعاء لاستعمال الأفعال المضمرة.
__________________
(١) ديوان الأخطل ١١٠ ، المقتضب ٤ / ٣١٢ ، شرح النحاس ١٤٦ ، شرح المفصل ١ / ١٢٣.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٦٠ ، شرح النحاس ١٤٦ ، شرح السيرافي ٣ / ٨٧.