ومعنى قوله : «ولا كيدا ولا همّا» أي : لا أكاد أفعل ذلك كيدا ، ولا أهم به همّا تبعيدا لما بقي أنه يفعله.
قال : «وقد جاء بعض هذا رفعا».
وأنشد لرجل من مذحج :
* عجبت لتلك قضية وإقامتي |
|
فيكم على تلك القضية أعجب (١) |
كأنه قال : أمر عجب.
يصف قضية غير مرضية يتعجب منها. وقبل هذا :
* أم السوية أن إذا أخصبتم |
|
وأمنتم فأنا العبيد الأجنب |
وإذا تكون كريهة أدعى لها |
|
وإذا يحاس الحيس يدعى جندب |
هذا وجدكم الصغار بعينه |
|
لا أم لي إن كان ذاك ولا أب |
ثم قال : عجبا لتلك قضية ...
قال : ومثل هذا في الرفع قوله :
* فقالت حنان : ما أتى بك ههنا |
|
أذو نسب أم أنت بالحي عارف (٢) |
كأنها قالت : أمرنا حنان ، ولم ترد الفعل ، ولو أرادته لقالت : حنانا. والحنان : الرحمة.
ومثله قول الشاعر :
* يشكو إلىّ جملي طول السرى |
|
صبر جميل فكلانا مبتلى (٣) |
والنصب في هذا أجود ؛ لأنه يأمره بالصبر لما تشكى إليه طول السرى.
هذا باب من المصادر ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره
ولكنها وضعت موضعا واحدا لا تتصرف
وذلك قولك : سبحان الله ومعاذ الله. وريحانة الله وعمرك الله ، وقعدك الله إلا فعلت كذا وكذا.
فصل سيبويه هذا الباب مما قبله من المصادر ؛ لأنه منصوب لا يتصرف تصرف غيره.
وأنشد :
* عمّرتك الله إلا ما ذكرت لنا |
|
هل كنت جارتنا أيام ذي سلم (٤) |
وأنشد أيضا :
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٦١ ، شرح النحاس ١٤٧ ، شرح ابن السيرافي ٣ / ٩٣ ، الخزانة ٢ / ٣٤.
(٢) الكتاب ١ / ١٦١ ، المقتضب ٣ / ٢٢٥ ، شرح النحاس ١٤٧ ، شرح السيرافي ٣ / ٩٤.
(٣) شرح الأعلم ١ / ١٦٢ ، معاني القرآن ٢ / ٤٥ ـ ١٥٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٩٤.
(٤) شرح الأعلم ١ / ١٦٣ ، الكامل ٤ / ٧٧ ، المقتضب ٢ / ٦٢٨ ، شرح النحاس ١٤٨.