هذا باب من النكرة يجري مجرى ما فيه الألف واللام من المصادر والأسماء
وذلك قولك : «سلام عليك ، ولبيك ، وخير بين يديك».
المراد في هذا : قوله : «خير بين يديك» ولكنه ذكره مع لبيك على ما استعملته العرب.
وجملة ما في هذا الباب قد تقدم في تضاعيف الأبواب المتقدمة.
وأجاز سيبويه النصب في هذا الباب وأنشد :
* كسا اللؤم تيما خصرة في جلودها |
|
فويلا لتيم من سرابيلها الحصر (١) |
قال : «ويقول الرجل : يا ويلاه ، فيقول الآخر : نعم ويلا كيلا».
وربما قالوا : ويل كيل ، يعني أن الذي قال : نعم ويلا كيلا ، يضمر مبتدأ وخبرا ، ويجعل ويلا كيلا في موضع الحال ، كأنه أظهر ، فقال : لك الويل ويلا كيلا أي : كثيرا ، ثم جعل «نعم» دليلا على الإضمار ؛ لأن «نعم» تحقيق لكلام يتكلم به وذلك الكلام الذي تحقيقه «نعم» هو قولهم : لك الويل : وما أشبهه.
وقوله : «وإن شاء جعله على قوله : جدعا وعقرا».
أي : إن شاء نصب «ويلا» و «كيلا» بإضمار فعل فجعله كأنه مصدر له ؛ لأن جدعا وعقرا على معنى : جدعك الله وعقرك عقرا.
هذا باب ما استكرهه النحويون وهو قبيح
فوضعوا الكلام فيه على غير ما وضعته العرب
وذلك قولك : ويح له ، وتب وتبا له وويحا
أما قوله : «استكرهه النحويون».
فيعني أنهم جمعوا في الدعاء بين شيئين لا تجمع العرب بينهما ، وقاسوا كلام العرب ، والشيئان :
ـ أحدهما : ويح لك وما جرى مجراه مما يكثر رفعه في كلامهم.
ـ والآخر : تبا لك. والاختيار نصبه في كلامهم.
فإن جمعوا بينهما ، فقدموا الذي يستحق الرفع حملوا الثاني عليه ، وكان يستحق النصب ، وإن قدموا المستحق للنصب أتبعوه المستحق للرفع فنصبوه.
وسيبويه يختار أن يحمل كل واحد منهما على وجهه إذا أفرد. فإن قالوا : تبا له وويحا فلم يأتوا بخبر للآخر ، وافقهم سيبويه على النصب لعدمه الخبر ؛ لأن العرب لا تقول : ولا ويل إلا مع خبرها.
__________________
(١) ديوان جرير ١ / ٢١٢ ، شرح الأعلم ١ / ١٦٧ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٥١.