هذا باب ما ينتصب فيه المصدر كان فيه الألف
واللام أو لم يكونا فيه .. وذلك قولك : ما أنت إلا سيرا
وما أنت إلا ضربا
هذا ونحوه يقال : لمن كثر منه الفعل وواصله واستغنى عن إظهار الفعل بدلالة المصدر عليه ، ولك أن ترفع فتقول : إنما أنت سير على معنى إنما أنت صاحب سير.
وأنشد لجرير :
* ألم تعلم مسرجي القوافي |
|
فلا عيّا بهن ولا اجتلابا |
كأن قائلا قال : هو عيابهم واجتلابا لهن على معنى يعي بهن عيّا ، ويجتلبهن اجتلابا ، فأدخل «لا» على التقدير ، والفاء في قوله «فلا عيّا بهن» دخلت لمعنى الاتصال ، أي : إذا سرحت القوافي ، اتصل بتسريحي لها أن لا أعيى ولا اجتلب.
وأنشد للخنساء في الرفع :
* ترتع ما غفلت حتى إذا اذكرت |
|
فإنما هي إقبال وإدبار (١) |
أي : ذات إقبال وذات إدبار.
تصف ناقة فقدت ولدها فهي ترتع ما غفلت عن ذكره حتى إذا ذكرته ، ألهاها ذلك عن الرعي فأقبلت وأدبرت.
وأنشد لمتمم :
* لعمري وما دهري بتأبين هالك |
|
ولا جزع مما أصاب فأوجعا (٢) |
أي : بدهر تأبين مالك ، وجعل الدهر هو التأبين مجازا ، والتأبين : الثناء على الرجل بعد موته.
وأنشد للعجاج :
* أطربا وأنت قنّسري (٣)
كأنه قال : أتطرب وأنت قنسري ، ينكر عليه الطرب مع هذه الحال والقنسري : المسن في هذا الموضع.
قال : ومثله قول بعض العرب ـ وهو يعزى إلى عامر بن الطفيل ـ أغدة كغدة البعير ، وموتا في بيت سلولية.
يقول هذا حين أصابته الغدة ، وهو داء إذا أصاب البعير لم يلبثه حتى يموت ، وكان قد أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم هو وأربد بن ربيعة أخو لبيد ليغتالاه ، فأطلعه الله على ذلك ودعى عليهما فقال :
__________________
(١) ديوانها ٤٨ ، شرح الأعلم ١ / ١٦٩ ، الكامل ١ / ٢٨٧ ، المقتضب ٣ / ٢٣٠ ، مجالس العلماء ٢٦٠.
(٢) المفضليات ٢٦٥ ، شرح الأعلم ١ / ١٦٩ ، شرح السيرافي ٣ / ١١٧ ، اللسان ٤ / ٢٩٤.
(٣) ديوان العجاج ٦٦ ، المقتضب ٣ / ٢٢٨ ، شرح النحاس ١٤٩ ، شرح السيرافي ٣ / ١١٨.