متهاجرين كأنهم أولاد علات ، وهي الأمهات الشتى.
وأنشد للفرزدق :
* ألم ترني عاهدت ربّي وإنني |
|
لبين رتاح قائما ومقام (١) |
على حلف لا أشتم الدهر مسلما |
|
ولا خارجا من فيّ زور كلام |
قال : «أراد ولا يخرج في ما استقبل»
قال : «ولو حمله على أنه نفى شيئا هو فيه ولم يحمله على عاهدت لجاز».
وإلى هذا الوجه كان يذهب عيسى بن عمر في ما نرى ؛ لأنه لم يكن يحمله على عاهدت.
وفسره أبو العباس وأبو إسحاق الزجاج ؛ بأنه جعل «لا أشتم» جواب يمين ، إما يكون جواب حلفه ، كأنه قال : عاهدت ربي على أن حلفت لا أشتم الدهر مسلما. أو يكون «عاهدت» بمعنى أقسمت فيكون أيضا جوابا له ، ويكون التقدير ولا يخرج خروجا ، عطفا على لا أشتم ، وجعل خارجا في معنى خروجا.
قال المبرد : «ومثله قم قائما ، أي : قم قياما ، وفسر قول عيسى أن خارجا حال معطوف على موضع لا أشتم ، كأنه قال : لا شاتما مسلما ولا خارجا من في ...».
وجعلا العامل في الحال ـ على مذهب عيسى ـ عاهدت كأنه قال : عاهدت ربي لا شاتما الدهر مسلما والمعنى على نفس ذلك ومقدارا أن لا أفعله.
وكلام سيبويه يخالف هذا ؛ لأنه قال ـ يعني عيسى ـ «لم يكن يحمله على عاهدت».
ومعنى قول سيبويه : «ولو حمله على أنه نفى شيئا هو فيه».
أي : نفى الحال ، وهو قوله : لا أشتم الدهر ولا خارجا ، وإذا لم يكن العامل في الحال «عاهدت» على ما حكاه سيبويه عن عيسى ، فنصبه على أحد وجهين :
ـ إما أن يكون مفعولا ثانيا لقوله : ترني.
ـ وإما أن يكون محمولا على حلفه ، كأنه قال : على أن حلفت لا شاتما ولا خارجا ، والمصدر يعمل عمل الفعل في الحال وغيره.
هذا باب ما يجري من المصادر مثنّى منتصبا
على إضمار الفعل المتروك إظهاره
وذلك قولك : حنانيك. كأنه قال : تحنّنا بعد تحنن
وقال الشاعر :
__________________
(١) ديوان الفرزدق ٢ / ٧٦٩ ، الكامل ١ / ١٢٠ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٣.