ـ منها أن يكون انتصاب الاسم بفعل يدل عليه «له صوت» لأن «له صوت» يدل على أنه يصوت كأنه قال : مررت به فإذا هو يصوت صوت حمار فيكون على هذا التقدير مصدرا.
وإن شئت كان حالا ، وهو في كلا الأمرين على معنى التشبيه
ـ فأما المصدر : فتقديره يصوت صوتا مثل صوت حمار.
ـ وأما الحال : فتقديره : فإذا هو يصوت مشبها صوت حمار ، أو مخرجا مثل صوت حمار ، أو ممثلا صوت حمار.
ويجوز أن يكون نصبه بإضمار فعل ، ويكون ذلك الفعل من لفظ الصوت ، ويجوز أن يكون من غير لفظه.
ـ فإن كان من لفظه ، فتقديره : له صوت يصوت صوت حمار ، ويكون على هذا التقدير مصدرا وحالا على ما تقدم.
وإن كان الفعل المقدر من غير لفظه نصب على الحال لا على المصدر ، فيكون تقديره ، له صوت : يخرجه مشبها صوت حمار ، ويمثله مشبها أو ما جرى مجراه.
واحتج سيبويه لإضمار الفعل بعد قوله بقول الشاعر :
* إذا رأتني سقطت أبصارها |
|
دأب بكار شايحت بكارها (١) |
فنصب دأب بإضمار فعل دل عليه ما قبله ، كأنه قال : دأبت دأب بكار.
ومذهب سيبويه أنه إذا جاء المصدر من فعل ليس من حروفه ، كان بإضمار فعل من لفظ ذلك المصدر ، فمن أجل هذا استدل على إضمار فعل ـ بعد قوله «له صوت» بهذا الشعر ؛ لأن قوله : «دأب بكار» منصوب وليس قبله فعل من لفظه. فأضمر : دأبت أو تدأب.
وقوله «سقطت» دليل عليه ؛ لأن المعنى أدامت النظر إلي.
والدأب هنا : دوام النظر ، فكان في سقطت أبصارها «بالنظر إليه ما دل على أنها دأبت ودامت» ، وينتصب على الحال وعلى المصدر.
وقيل المعنى إذا نظرت إليّ تسقط أبصارها هيبة لي ، أي تغطي أبصارها دأب بكار ، أي كعادة بكار ، جمع بكر ، شايحت ، أي حاذرت فأغضت أبصارها ، كأنه يعني جماعة تهابه.
وكان أبو العباس يرد هذا من قول سيبويه ويقول : إنه يجوز أن يجيء المصدر من فعل ليس من حروفه إذا كان في معناه.
وذكر المازني في قولهم : «تبسمت وميض البرق وجهين» :
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٧٩ ، المقتضب ٥ / ٢٠٤ ، شرح النحاس ١٥٥.