ـ أحدهما : مثل قول سيبويه : أنهم يضمرون فعلا كأنهم قالوا : أومضت
وميض البرق.
ـ والثاني : أن يكون منصوبا «تبسمت».
قال سيبويه : ومما لا يكون حالا ويكون على الفعل المضمر قول رؤبة :
* لوحها من بعد بدن وسنق |
|
تضميرك السابق يطوي للسبق (١) |
أراد أنك نصبت «تضميرك السابق» ، ودل على ذلك لوحها ؛ لأن معنى لوحها : غيرها ، وضمرها في معناه ، ونصبه على المصدر ، ولا يكون حالا ؛ لأنه مضاف إلى الكاف متعرف به.
والبدن : السمن ، والسنق : أن تكره الطعام والكلأ ، ومعنى يطوي : يضمر للسباق.
وأنشد للعجاج :
* ناج طواه الأين مما وجفا (٢) |
|
طي الليالي زلفا فزلفا |
سماوة الهلال حتّى احقوقفا |
«فسماوة» عند سيبويه مصدر ولا فعل له من لفظه ، فصار بمنزلة «لوحها تضميرك» و «سقطت دأب بكار».
وكان المازني يرد هذا ، ويجعل «سماوة» مفعول طي ، كأنه قال : كما تطوي الليالي سماوة الهلال ، وسماوة الشيء : شخصه ، ويقال أعلاه ، والليالي تطوي القمر وتضمره حتى يصير هلالا. واحقوقف على التفسير للهلال ، ومعناه تقوس ، وعلى مذهب سيبويه : كأنه قال : سما سماوة الهلال إذا أضمر من لفظه ، وإذا أضمر من غير لفظه ، فكأنه قال : ضمر سماوة الهلال.
وكان الزجاج يرد على المازني ويقول : لو كان سماوة يعمل فيه طي الليالي لكان حق الكلام أن يقول : سماوة القمر ؛ لأن الليالي تنقص القمر حتى يصير هلالا ، ولا يقال : إن الليالي تنقص الهلال.
وللمحتج عن المازني أن يقول : قد ينسب الفعل إلى الاسم في منتهاه ، وإن كان الفعل قد وقع قبل ذلك ، كقول القائل : نسجت الثوب ، والثوب لا ينسج ، إنما ينسج الغزل فإذا انتهى صار ثوبا.
ويجوز أن يكون احقوقف للحمل على الناجي الذي طواه الأين ، ويجوز أن يكون الهلال.
وأنشد أيضا لأبي كبير :
__________________
(١) ديوانه رؤبة ١٠٤ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٩ ، شرح النحاس ١٥٥.
(٢) ديوانه ٨٤ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٠ ، الكامل ١ / ١٥٠ ، شرح النحاس ١٥٦.