* ما إن يمس الأرض إلا منكب |
|
منه وحرف الساق طي المحمل (١) |
فنصب «طي المحمل» ، وليس قبله فعل من لفظه ، ولكن قوله : «ما إن يمس الأرض» دليل على معنى «طوى» فأضمر لدلالته عليه.
وجعل سيبويه هذا دليلا على ما ذكره من إضمار فعل غير المذكور ، وقوى ذلك أيضا بقوله : «وإنما أنت شرب الإبل».
فهذا لا بد فيه من إضمار الفعل ، فإذا أضمر ههنا أضمر فيما قبله ، والمحمل هاهنا : حمالة السيف ، وشبه طي الرحل وضمره بطي المحمل.
قال : «وزعم الخليل ـ رحمه الله ـ أنه يجوز أن تقول : هذا رجل أخو زيد على الصفة إذا أردت أنه مثل أخي زيد».
واستضعفه سيبويه ، وقال : «لو جاز هذا لقلت : هذا قصير الطويل ، تريد مثل الطويل» ولجاز أن تقول : جاءني زيد أخاك على الحال وهذا يقبح جدا.
قال : «وهو في الصفة أقبح لأنك تنقض ما تكلمت به».
يريد أن الصفة والموصوف كشيء واحد ، فلا يجوز أن يكون أحدهما معرفة والآخر نكرة ، والحال مع صاحبها ليسا كشيء واحد فصار في الصفة أقبح.
هذا باب ما يختار فيه الرفع
وذلك قولك : له علم علم الفقهاء ، وله رأي رأي الأصلاء
اعلم أن جميع هذا لا يكون فيه إلا الرفع ؛ لأنه يقال : إلا لمن استقر فيه وثبت فبعد النصب فيه ، إذ لم يكن في الكلام حالة تدل على الفعل.
فأما قولك : «له صوت صوت حمار» فإنما هو معالجة للصوت وإخراجه ، ولو أراد بقوله : له علم تعلم وفهم لجاز النصب ، ولكن المفهوم من كلام الناس وما جرت به عادتهم أن ذلك مدح للمذكور بخصال قد استقرت فيه من العلم والفهم وغير ذلك.
هذا باب ما يختار فيه الرفع إذا ذكرت المصدر
الذي يكون علاجا
وذلك قولك : له صوت صوت حسن.
والرفع في هذا أحسن ؛ لأنك ذكرت اسما هو الأول ، فحسن أن يكون محمولا عليه وصفا أو بدلا وقد يجوز نصبه على معنى يصوت صوتا حسنا على الحال وعلى المصدر.
وأنشد لرؤبة :
__________________
(١) ديوان الهذليين ٢ / ٩٣ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٠ ، المقتضب ٣ / ٢٠٤ ، شرح النحاس ١٥٦.